قيظي أحد بني حارثة بن الحرث من الأوس وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج، فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم والله رددناها الآن جذعة. وغضب الفريقان، وقالوا: قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الظاهرة - والظاهرة: الحرة - فخرجوا إليها وتحاور الناس، فانضمت الأوس بعضها إلى بعض، والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية. فبلغ ذلك رسول الله (ص)، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم، فقال: يا معشر المسلمين الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ هداكم الله إلى الاسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا فعرف القوم أنها نزعة من الشيطان، وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح من أيديهم، وبكوا، وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضا. ثم انصرفوا مع رسول الله (ص) سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس بن قيس وما صنع فأنزل الله في شاس بن قيس وما صنع * (يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا) *... الآية وأنزل الله عز وجل في أوس بن قيظي وجبار بن صخر ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا مما أدخل عليهم شاس بن قيس من أمر الجاهلية * (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين) * إلى قوله: * (أولئك لهم عذاب عظيم) *.
وقيل: إنه عنى بقوله: * (يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله) * جماعة يهود بني إسرائيل الذين كانوا بين أظهر مدينة رسول الله (ص) أيام نزلت هذه الآيات والنصارى، وأن صدهم عن سبيل الله كان بإخبارهم من سألهم عن أمر نبي الله محمد (ص)، هل يجدون ذكره في كتبهم أنهم لا يجدون نعته في كتبهم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا) * كانوا إذا سألهم أحد: هل تجدون محمدا؟ قالوا: لا! فصدوا عنه الناس، وبغوا محمدا عوجا:
هلاكا.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: