حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: إن أهل خيبر أتوا النبي (ص) وأصحابه، فقالوا: إنا على رأيكم وهيئتكم، وإنا لكم ردء، فأكذبهم الله، فقال: * (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا) *... الآيتين.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، قال: جاء رجل إلى عبد الله، فقال: إن كعبا يقرأ عليك السلام، ويقول: إن هذه الآية لم تنزل فيكم: * (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا) * قال: أخبروه أنها نزلت وهو يهودي.
وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله: * (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا) *... الآية، قول من قال: عني بذلك أهل الكتاب الذين أخبر الله عز وجل أنه أخذ ميثاقهم، ليبينن للناس أمر محمد (ص)، ولا يكتمونه، لان قوله: * (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا) *... الآية في سياق الخبر عنهم، وهو شبيه بقصتهم مع اتفاق أهل التأويل على أنهم المعنيون بذلك، فإذ كان ذلك كذلك، فتأويل الآية: لا تحسبن يا محمد الذين يفرحون بما أتوا من كتمانهم الناس أمرك، وأنك لي رسول مرسل بالحق، وهم يجدونك مكتوبا عندهم في كتبهم، وقد أخذت عليهم الميثاق بالاقرار بنبوتك، وبيان أمرك للناس، وأن لا يكتموهم ذلك، وهم مع نقضهم ميثاقي الذي أخذت عليهم بذلك، يفرحون بمعصيتهم إياي في ذلك، ومخالفتهم أمري، ويحبون أن يحمدهم الناس بأنهم أهل طاعة لله وعبادة وصلاة وصوم، واتباع لوحيه، وتنزيله الذي أنزله على أنبيائه، وهم من ذلك أبرياء أخلياء لتكذيبهم رسوله، ونقضهم ميثاقه الذي أخذ عليهم، لم يفعلوا شيئا مما يحبون أن يحمدهم الناس عليه، فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب، ولهم عذاب أليم. وقوله: * (فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب) * فلا تظنهم بمنجاة من عذاب الله الذي أعده لأعدائه في الدنيا من الخسف والمسخ والرجف والقتل، وما أشبه ذلك من عقاب الله، ولا هم ببعيد منه.
كما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب) * قال: بمنجاة من العذاب.
قال أبو جعفر: * (ولهم عذاب أليم) * يقول: ولهم عذاب في الآخرة أيضا مؤلم، مع الذي لهم في الدنيا معجل. القول في تأويل قوله تعالى: