حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا منصور بن حكيم، عن خارجة، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، في قوله: * (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان) * قال: ليس كل الناس سمع النبي (ص)، ولكن المنادي: القرآن.
وقال آخرون: بل هو محمد (ص). ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: * (إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان) * قال: هو محمد (ص).
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان) * قال: ذلك رسول الله (ص).
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول محمد بن كعب، وهو أن يكون المنادي القرآن، لان كثيرا ممن وصفهم الله بهذه الصفة في هذه الآيات ليسوا ممن رأى النبي (ص) ولا عاينه، فسمعوا دعاءه إلى الله تبارك وتعالى ونداءه، ولكنه القرآن. وهو نظير قوله جل ثناؤه مخبرا عن الجن إذ سمعوا كلام الله يتلى عليهم أنهم قالوا: * (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد) *. وبنحو ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان) * إلى قوله: * (وتوفنا مع الأبرار) * سمعوا دعوة من الله فأجابوها، فأحسنوا الإجابة فيها، وصبروا عليها، ينبئكم الله عن مؤمن الانس كيف قال، وعن مؤمن الجن كيف قال. فأما مؤمن الجن، فقال: * (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا) *، وأما مؤمن الانس، فقال: * (إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا) *... الآية.
وقيل: * (إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان) * يعني: ينادي إلى الايمان، كما قال تعالى ذكره: * (الحمد لله الذي هدانا لهذا) * بمعنى: هدانا إلى هذا، وكما قال الراجز.
أوحى لها القرار فاستقرت * وشدها بالراسيات الثبت