وقال آخرون: بل عني بذلك قوم من اليهود سألهم رسول الله (ص) عن شئ، فكتموه، ففرحوا بكتمانهم ذلك إياه. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني ابن أبي مليكة أن علقمة بن أبي وقاص أخبره: أن مروان قال لرافع:
اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له: لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا، ليعذبنا الله أجمعين! فقال ابن عباس: ما لكم ولهذه؟ إنما دعا النبي (ص) يهود، فسألهم عن شئ فكتموه إياه وأخبروه بغيره، فأروه أن قد استجابوا لله بما أخبروه عنه مما سألهم، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إياه. ثم قال: * (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) *... الآية.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج:
أخبرني عبد الله بن أبي مليكة، أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبره أن مروان بن الحكم قال لبوابه: يا رافع اذهب إلى ابن عباس، فقل له: لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا، لنعذبن جميعا فقال ابن عباس: ما لكم ولهذه الآية؟ إنما أنزلت في أهل الكتاب. ثم تلا ابن عباس: * (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس) * إلى قوله: * (أن يحمدوا بما لم يفعلوا) * قال ابن عباس: سألهم النبي (ص) عن شئ فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما قد سألهم عنه، فاستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إياه ما سألهم عنه.
وقال آخرون: بل عني بذلك قوم من يهود أظهروا النفاق للنبي (ص) محبة منهم للحمد، والله عالم منهم خلاف ذلك. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ذكر لنا أن أعداء الله اليهود يهود خيبر أتوا نبي الله (ص)، فزعموا أنهم راضون بالذي جاء به، وأنهم متابعوه وهم متمسكون بضلالتهم، وأرادوا أن يحمدهم نبي الله (ص) بما لم يفعلوا، فأنزل الله تعالى: * (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا) *... الآية.