* (فنبذوه) * أنه إذا كان قد خرج مخرج الخبر عن الغائب على سبيل قوله: * (فنبذوه) * حتى يكون متسقا كله على معنى واحد ومثال واحد، ولو كان الأول بمعنى الخطاب لكان أن يقال: فنبذتموه وراء ظهوركم، أولى من أن يقال: فنبذوه وراء ظهورهم.
وأما قوله: * (فنبذوه وراء ظهورهم) * فإنه مثل لتضييعهم القيام بالميثاق، وتركهم العمل به.
وقد بينا المعنى الذي من أجله قبل ذلك كذلك فيما مضى من كتابنا هذا، فكرهنا إعادته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب البجلي، عن الشعبي في قوله: * (فنبذوه وراء ظهورهم) * قال: إنهم قد كانوا يقرءونه إنما نبذوا العمل به.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
* (فنبذوه وراء ظهورهم) * قال: نبذوا الميثاق.
حدثني محمد بن سنان، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا مالك بن مغول، قال: نبئت عن الشعبي في هذه الآية: * (فنبذوه وراء ظهورهم) * قال: قذفوه بين أيديهم، وتركوا العمل به.
وأما قوله: * (واشتروا به ثمنا قليلا) * فإن معناه ما قلنا من أخذهم ما أخذوا على كتمانهم الحق وتحريفهم الكتاب. كما:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (واشتروا به ثمنا قليلا) * أخذوا طمعا، وكتموا اسم محمد (ص).
وقوله: * (فبئس ما يشترون) * يقول: فبئس الشراء يشترون في تضييعهم الميثاق وتبديلهم الكتاب. كما:
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: * (فبئس ما يشترون) * قال: تبديل اليهود التوراة. القول في تأويل قوله تعالى: