بعث رسول الله (ص) طلائع، فغنم النبي (ص)، فلم يقسم للطلائع، فأنزل الله عز وجل: * (وما كان لنبي أن يغل) *.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك: * (ما كان لنبي أن يغل) * يقول: ما كان لنبي أن يقسم لطائفة من أصحابه، ويترك طائفة، ولكن يعدل، ويأخذ في ذلك بأمر الله عز وجل، ويحكم فيه بما أنزل الله.
حدثني يحيى بن أبي طالب، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: * (ما كان لنبي أن يغل) * قال: ما كان له إذا أصاب مغنما أن يقسم لبعض أصحابه ويدع بعضا، ولكن يقسم بينهم بالسوية.
وقال آخرون ممن قرأ ذلك بفتح الياء وضم الغين: إنما أنزل ذلك تعريفا للناس أن النبي (ص)، لا يكتم من وحي الله شيئا. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) *: أي ما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم عن رهبة من الناس ولا رغبة، ومن يعمل ذلك يأت به يوم القيامة.
فتأويل قراءة من قرأ ذلك كذلك: ما ينبغي لنبي أن يكون غالا، بمعنى: أنه ليس من أفعال الأنبياء خيانة أممهم. يقال منه: غل الرجل فهو يغل، إذا خان، غلولا، ويقال أيضا منه: أغل الرجل فهو يغل إغلالا، كما قال شريح: ليس على المستعير غير المغل ضمان، يعني: غير الخائن، ويقال منه: أغل الجازر: إذا سرق من اللحم شيئا مع الجلد.
وبما قلنا في ذلك جاء تأويل أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (ما كان لنبي أن يغل) * يقول: ما كان ينبغي له أن يخون، فكما لا ينبغي له أن يخون فلا تخونوا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: * (ما كان لنبي أن يغل) * قال: أن يخون.