حضورهم مع المسلمين مشهدهم بأحد، فقال مخبرا عن قيلهم الكفر، وإعلانهم النفاق بينهم، يقولون: لو كان لنا من الامر شئ ما قتلنا ههنا، يعني بذلك أن هؤلاء المنافقين يقولون: لو كان الخروج إلى حرب من خرجنا لحربه من المشركين إلينا، ما خرجنا إليهم، ولا قتل منا أحد في الموضع الذي قتلوا فيه بأحد. وذكر أن ممن قال هذا القول معتب بن قشير أخو بني عمرو بن عوف. ذكر الخبر بذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: قال ابن إسحاق: ثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير، قال: والله إني لأسمع قول معتب بن قشير أخي بني عمرو بن عوف، والنعاس يغشاني ما أسمعه إلا كالحلم حين قال: لو كان لنا من الامر شئ ما قتلنا ههنا.
حدثني سعيد بن يحيى بن الأموي، قال: ثني أبي، عن ابن إسحاق، قال: ثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، بمثله.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الحجاز والعراق: * (قل إن الامر كله) * بنصب الكل على وجه النعت للامر والصفة له. وقرأه بعض قراء أهل البصرة: * (قل إن الامر كله لله) * برفع الكل على توجيه الكل إلى أنه اسم، وقوله لله خبره، كقول القائل: إن الامر بعضه لعبد الله. وقد يجوز أن يكون الكل في قراءة من قرأه بالنصب منصوبا على البدل. والقراءة التي هي القراءة عندنا النصب في الكل لاجماع أكثر القراء عليه، من غير أن تكون القراءة الأخرى خطأ في معنى أو عربية. ولو كانت القراءة بالرفع في ذلك مستفيضة في القراء، لكانت سواء عندي القراءة بأي ذلك قرئ لاتفاق معاني ذلك بأي وجهيه قرئ.
القول في تأويل قوله تعالى: * (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور) *:
يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد للذين وصفت لك صفتهم من المنافقين: لو كنتم في بيوتكم لم تشهدوا مع المؤمنين مشهدهم، ولم تحضروا معهم حرب أعدائهم من المشركين، فيظهر للمؤمنين ما كنتم تخفونه من نفاقكم، وتكتمونه من شرككم في دينكم، لبرز الذين كتب عليهم القتل، يقول: لظهر للموضع الذي كتب عليه مصرعه فيه من قد