يعني بقوله جل ثناؤه: * (ولقد عفا عنكم) *: ولقد عفا الله أيها المخالفون أمر رسول الله (ص)، والتاركون طاعته، فيما تقدم إليكم من لزوم الموضع الذي أمركم بلزومه عنكم، فصفح لكم من عقوبة ذنبكم الذي أتيتموه عما هو أعظم مما عاقبكم به من هزيمة أعدائكم إياكم، وصرف وجوهكم عنهم إذ لم يستأصل جمعكم. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن مبارك، عن الحسن، في قوله: * (ولقد عفا عنكم) * قال: قال الحسن وصفق بيديه: وكيف عفا عنهم وقد قتل منهم سبعون، وقتل عم رسول الله (ص)، وكسرت رباعيته، وشج في وجهه؟ قال:
ثم يقول: قال الله عز وجل: قد عفوت عنكم إذ عصيتموني أن لا أكون استأصلتكم. قال:
ثم يقول الحسن: هؤلاء مع رسول الله (ص)، وفي سبيل الله غضاب لله، يقاتلون أعداء الله، نهوا عن شئ فصنعوه، فوالله ما تركوا حتى غموا بهذا الغم، فأفسق الفاسقين اليوم يتجرأ على كل كبيرة، ويركب كل داهية، ويسحب عليها ثيابه، ويزعم أن لا بأس عليه، فسوف يعلم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: * (ولقد عفا عنكم) * قال: لم يستأصلكم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ولقد عفا عنكم) *:
ولقد عفا الله عن عظيم ذلك لم يهلككم بما أتيتم من معصية نبيكم، ولكن عدت بفضلي عليكم.
وأما قوله: * (والله ذو فضل على المؤمنين) * فإنه يعني: والله ذو طول على أهل الايمان به وبرسوله بعفوه لهم عن كثير ما يستوجبون به العقوبة عليه من ذنوبهم، فإن عاقبهم على بعض ذلك، فذو إحسان إليهم بجميل أياديه عندهم. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين) * يقول: وكذلك من الله على المؤمنين أن عاقبهم ببعض الذنوب في عاجل الدنيا أدبا وموعظة، فإنه غير مستأصل لكل ما فيهم من الحق له عليهم، لما أصابوا من معصيته، رحمة لهم، وعائدة عليهم لما فيهم من الايمان. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم