عن أبيه، عن ابن عبا س، قال: كان ابن مسعود يقول: ما شعرت أن أحدا من أصحاب النبي (ص) كان يريد الدنيا وعرضها حتى كان يومئذ.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق * (منكم من يريد الدنيا) * أي الذين أرادوا النهب رغبة في الدنيا وترك ما أمروا به من الطاعة التي عليها ثواب الآخرة، * (ومنكم من يريد الآخرة) *: أي الذين جاهدوا في الله لم يخالفوا إلى ما نهوا عنه لعرض من الدنيا رغبة في رجاء ما عند الله من حسن ثوابه في الآخرة.
القول في تأويل قوله تعالى: * (ثم صرفكم عنهم ليبتليكم) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: ثم صرفكم أيها المؤمنون عن المشركين بعد ما أراكم ما تحبون فيهم، وفي أنفسكم من هزيمتكم إياهم، وظهوركم عليهم، فرد وجوهكم عنهم لمعصيتكم أمر رسولي، ومخالفتكم طاعته، وإيثاركم الدنيا على الآخرة، عقوبة لكم على ما فعلتم، ليبتليكم، يقول: ليختبركم، فيتميز المنافق منكم من المخلص، الصادق في إيمانه منكم. كما:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: ثم ذكر حين مال عليهم خالد بن الوليد: * (ثم صرفكم عنهم ليبتليكم) *.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن مبارك، عن الحسن في قوله: * (ثم صرفكم عنهم) * قال: صرف القوم عنهم، فقتل من المسلمين بعدة من أسروا يوم بدر، وقتل عم رسول الله (ص)، وكسرت رباعيته، وشج في وجهه، وكان يمسح الدم عن وجهه، ويقول: كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم؟، فنزلت: * (ليس لك من الامر شئ) *... الآية، فقالوا: أليس كان رسول الله (ص) وعدنا النصر؟ فأنزل الله عز وجل: * (ولقد صدقكم الله وعده) * إلى قوله:
* (ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم) *.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ثم صرفكم عنهم ليبتليكم) *: أي صرفكم عنهم ليختبركم، وذلك ببعض ذنوبكم.
القول في تأويل قوله تعالى: * (ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين) *.