يعني بقوله جل ثناؤه: * (حتى إذا فشلتم) *: حتى إذا جبنتم وضعفتم، * (وتنازعتم في الامر) * بقول: واختلفتم في أمر الله، يقول: وعصيتم وخالفتم نبيكم، فتركتم أمره، وما عهد إليكم. وإنما يعني بذلك الرماة الذين كان أمرهم (ص) بلزوم مركزهم ومقعدهم من فم الشعب بأحد، بإزاء خالد بن الوليد ومن كان معه من فرسان المشركين الذين ذكرنا قبل أمرهم.
وأما قوله: * (من بعد ما أراكم ما تحبون) * فإنه يعني بذلك: من بعد الذي أراكم الله أيها المؤمنون بمحمد من النصر والظفر بالمشركين، وذلك هو الهزيمة التي كانوا هزموهم عن نسائهم وأموالهم قبل ترك الرماة مقاعدهم التي كان رسول الله (ص) أقعدهم فيها، وقبل خروج خيل المشركين على المؤمنين من ورائهم.
وبنحو الذي قلنا تظاهرت الاخبار عن أهل التأويل، وقد مضى ذكر بعض من قال، وسنذكر قول بعض من لم يذكر قوله فيما مضى. ذكر من قال ذلك:
: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الامر) * أي اختلفتم في الامر، * (وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون) * وذاكم يوم أحد، عهد إليهم نبي الله (ص) وأمرهم بأمر، فنسوا العهد وجاوزوا وخالفوا ما أمرهم نبي الله (ص)، فانصرف عليهم عدوهم بعد ما أراهم من عدوهم ما يحبون.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: أن رسول الله (ص) بعث ناسا من الناس - يعني: يوم أحد - فكانوا من ورائهم، فقال رسول الله (ص): كونوا ههنا فردوا وجه من قدمنا، وكونوا حرسا لنا من قبل ظهورنا وأن رسول الله (ص) لما هزم القوم هو وأصحابه، اختلف الذين كانوا جعلوا من ورائهم، فقال بعضهم لبعض لما رأوا النساء مصعدات في الجبل، ورأوا الغنائم، قالوا:
انطلقوا إلى رسول الله (ص) فأدركوا الغنيمة قبل أن تسبقوا إليها! وقالت طائفة أخرى: بل نطيع رسول الله (ص) فنثبت مكاننا. فذلك قوله: * (منكم من يريد الدنيا) * للذين أرادوا الغنيمة، * (ومنكم من يريد الآخرة) * للذين قالوا: نطيع رسول الله (ص) ونثبت مكاننا. فأتوا محمدا (ص)، فكان فشلا حين تنازعوا بينهم، يقول: * (وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون) * كانوا قد رأوا الفتح والغنيمة.
حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: * (حتى إذا