عبد العزيز الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (ص): لا يموتن أحدكم وعليه دين، فإنه ليس هناك دينار ولا درهم، إنما يقتسمون هنالك الحسنات والسيئات وأشار رسول الله (ص) بيده يمينا وشمالا.
حدثني محمد بن إسحاق، قال: قال: حدثنا سالم بن قادم، قال: حدثنا أبو معاوية هاشم بن عيسى، قال: أخبرني الحارث بن مسلم، عن الزهري، عن أنس بن مالك، عن رسول الله (ص) بنحو حديث أبي هريرة.
قال أبو جعفر: فذلك معنى قوله جل ثناؤه: لا تجزي نفس عن نفس شيئا يعني أنها لا تقضي عنها شيئا لزمها لغيرها لان القضاء هنالك من الحسنات والسيئات على ما وصفنا. وكيف يقضي عن غيره ما لزمه من كان يسره أن يثبت له على ولده أو والده حق، فيأخذه منه ولا يتجافى له عنه؟.
وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معنى قوله: لا تجزي نفس عن نفس شيئا: لا تجزي منها أن تكون مكانها. وهذا قول يشهد ظاهر القرآن على فساده، وذلك أنه غير معقول في كلام العرب أن يقول القائل: ما أغنيت عني شيئا، بمعنى: ما أغنيت مني أن تكون مكاني، بل إذا أرادوا الخبر عن شئ أنه لا يجزي من شئ، قالوا: لا يجزي هذا من هذا، ولا يستجيزون أن يقولوا: لا يجزي هذا من هذا شيئا.
فلو كان تأويل قوله: لا تجزي نفس عن نفس شيئا ما قاله من حكينا قوله لقال:
واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس كما يقال: لا تجزي نفس من نفس، ولم يقل لا تجزي نفس عن نفس شيئا: وفي صحة التنزيل بقوله: لا تجزي نفس عن نفس شيئا أوضح الدلالة على صحة ما قلنا وفساد قول من ذكرنا قوله في ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: ولا تقبل منها شفاعة.
قال أبو جعفر: والشفاعة مصدر من قول الرجل: شفع لي فلان إلى فلان شفاعة، وهو طلبه إليه في قضاء حاجته. وإنما قيل للشفيع شفيع وشافع لأنه ثنى المستشفع به، فصار له شفعا، فكان ذو الحاجة قبل استشفاعه به في حاجته فردا، فصار صاحبه له فيها شافعا، وطلبه فيه وفي حاجته شفاعة ولذلك سمي الشفيع في الدار وفي الأرض شفيعا لمصير البائع به شفعا.