محمد بن حميد الرازي (1) واختص به وأخذ مغازي ابن إسحاق عن سلمة بن المفضل وعليه بنى تاريخه، وكتب عن أحمد بن حماد الدولابي (2) كتاب " المبتدأ ".
قال أبو جعفر: " كنا نكتب عن محمد بن حميد الرازي، فيخرج إلينا في الليل مرات ويسألنا عما كتبناه ويقرؤه علينا، وكنا نمضي إلى أحمد بن حماد الدولابي، وكان في قرية من قرى الري، بينها وبين الري قطعة، ثم نعود كالمجانين حتى نصير إلى محمد بن حميد، فنلحق مجلسه.
ثم رحل إلى بغداد، وكان في نفسه ان يسمع من الإمام أحمد بن حنبل، ولكنه لم يكد يصل إليها، حتى علم بوفاته (سنة 241 ه) قبل دخوله بقليل، فأقام بها مدة، وكتب عن شيوخها، ثم انتقل إلى البصرة، فسمع من كان بقي من شيوخها في وقته، كأبي بكر محمد بن بشار المعروف ببندار (3) ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني وبشر بن معاذ وغيرهم. ثم رحل إلى الكوفة فكتب فيها عن إسماعيل بن موسى الفزاري (4) وهناد بن السري الدارمي الكوفي (5)، وأبي كريب محمد بن العلاء الهمذاني (6) وأخذ عن سليمان بن خلاد السامري (7) القراءات. وكان أبو كريب شرس الخلق، ومحدث البصرة في عصره، قال أبو جعفر الطبري: " حضرت باب داره مع أصحاب الحديث، فاطلع من باب خوخة له، وأصحاب الحديث يلتمسون الحديث ويضجون، فقال: أيكم يحفظ ما كتب عني؟ فالتفت بعضهم إلى بعض، ثم نظروا إلي وقالوا: أنت تحفظ ما كتبت عنه؟ فقلت: نعم! فقالوا:
هذا، فسله، فقلت: حدثتنا يوم كذا بكذا، وفي يوم كذا بكذا ". قال الشجري: وأخذ أبو كريب في مسألته إلى أن عظم في نفسه، فقال له: ادخل إلي، فدخل إليه، وعرف قدره على حداثته، ومكنه من حديثه، وكان الناس يسمعون منه، فيقال: إنه سمع من أبي كريب أكثر من مائة ألف حديث ".