غيرها، فكذلك العائد في قوله: (لما بين يديها وما خلفها) من الهاء والألف أن يكون نم ذكر الهاء والألف اللتين في قوله: (فجعلناها) أولى من أن يكون من غيره.
فتأويل الكلام إذا كان الامر على ما وصفنا: فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين، فجعلنا عقوبتنا لهم عقوبة لما بين يديها من ذنوبهم السالفة منهم مسخنا إياهم وعقوبتنا لهم، ولما خلف عقوبتنا لهم من أمثال ذنوبهم، أن يعمل بها عامل، فيمسخوا مثل ما مسخوا، وأن يحل بهم مثل الذي حل بهم، تحذيرا من الله تعالى ذكره عباده أن يأتوا من معاصيه مثل الذي أتى الممسوخون فيعاقبوا عقوبتهم.
وأما الذين قال في تأويل ذلك: (فجعلناها) يعني الحيتان عقوبة لما بين يدي الحيتان من ذنوب القوم وما بعدها من ذنوبهم، فإنه أبعد في الانتزاع، وذلك أن الحيتان لم يجر لها ذكر فيقال: (فجعلناها) فإن ظن أن ذلك جائز وإن لم يكن جرى للحيتان ذكر، لان العرب العرب قد تكني عن الاسم ولم يجر له ذكر، فإن ذلك وإن كان كذلك، فغير جائز أن يترك المفهوم من ظاهر الكتاب والمعقول به ظاهر في الخطاب والتنزيل إلى باطن لا دلالة عليه من ظاهر التنزيل ولا خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم منقول ولا فيه من الحجة إجماع مستفيض.
وأما تأويل من تأول ذلك: لما بين يديها من القرى وما خلفها، فينظر إلى تأول من تأول ذلك بما بين يدي الحيتان وما خلفها.
القول في تأويل قوله تعالى: (وموعظة).
والموعظة مصدر من قول القائل: وعظت الرجل أعظه وعظا وموعظة: إذا ذكرته.
فتأويل الآية: فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها، وتذكرة للمتقين، ليتعظوا بها، ويعتبروا، ويتذكروا بها، كما:
971 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق عن الضحاك، عن ابن عباس: (وموعظة) يقول: وتذكرة وعبرة للمتقين.
القول في تأويل قوله تعالى (للمتقين).
وأما المتقون فهم الذين اتقوا بأداء فرائضه واجتناب معاصيه كما:
972 - حدثنا أبو كريب قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، قال:
ثنا أبو روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: (وموعظة للمتقين) يقول: للمؤمنين الذين