سماع ذلك من قارئه، بل على الاقرار بذلك كله كان إسلام من أسلم منهم. فما الوجه الذي أوجب له إنكار ما أنكر، إن لم يكن كان ذلك اختلافا منهم في الألفاظ واللغات؟
وبعد، فقد، أبان صحة ما قلنا الخبر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نصا، وذلك الخبر الذي ذكرنا أن أبا كريب: * - حدثنا، قال: حدثنا زيد بن الحباب، عن حماد بن سملة، عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " قال جبريل: اقرأ القرآن على حرف! قال ميكائيل عليه السلام: استزده! فقال: على حرفين، حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب كقولك هلم وتعال " (1).
فقد أوضح نص هذا الخبر، أن الأحرف السبعة إنما هو اختلاف ألفاظ، كقولك " هلم وتعال "، باتفاق المعاني لا باختلاف معان موجبة اختلاف أحكام. وبمثل الذي قلنا في ذلك صحت الاخبار عن جماعة من السلف والخلف:
39 - حدثني أبو السائب سالم بن جنادة السوائي، قال: حدثنا أبو معاوية، وحدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، جميعا عن الأعمش، عن شقيق، قلا: قال عبد الله: إني قد سمعت القراء فوجدتهم متقاربين. فاقرؤوا كما علمتم وإياكم والتنطع (2) فإنما هو كقول أحدكم " هلم وتعال ".
40 - وحدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عمن سمع ابن مسعود، يقول: من قرأ منكم على حرف فلا يتحولن، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله لأتيته (3).
41 - وحدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن عباس، عن رجل من أصحاب عبد الله، عن عبد الله بن مسعود، قال:
من قرأ القرآن على حرف، فلا يتحولن منه إلى غيره (4).