إلا فيه فقط، وإذا استعملت هذه الكلمة في حق غيره فلا شك أنها من باب المجاز، كالآية (233) من سورة البقرة التي تقول في شأن النساء المرضعات: وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
وينبغي - أيضا - أن نذكر بهذه النقطة، وهي أن أكثر أرزاق الإنسان من السماء، فالمطر المحيي للنبات من السماء، الذي تحتاجه كل الكائنات الحية مستقر في فضاء الأرض، والأهم من ذلك كله أشعة الشمس التي لا يبقي بدونها أي كائن حي، ولا تنبعث بدونها أية حركة في أنحاء الكرة الأرضية فإنها تأتي من السماء، وحتى الحيوانات التي تعيش في أعماق البحار فإنها حية بنور الشمس، لأنا نعلم أن غذاء الكثير منها أعشاب صغيرة جدا تنمو في طيات الأمواج على سطح المحيط مقابل أشعة الشمس، والقسم الآخر من هذه الحيوانات تتغذى على لحوم الحيوانات البحرية الأخرى التي تتغذى على تلك النباتات.
والأرض وحدها هي التي تغذي جذور النباتات بواسطة موادها الغذائية، وربما كان هذا هو السبب في أن تتحدث الآية أولا عن أرزاق السماء، ثم عن أرزاق الأرض حسب تفاوت درجة الأهمية.
ثم تشير الآية إلى حاستين من أهم حواس الإنسان، واللتان لا يمكن كسب العلم وتحصيله بدونهما، فقالت: أمن يملك السمع والأبصار. وفي الواقع فإن هذه الآية أشارت إلى النعم المادية أولا، ثم إلى المواهب والأرزاق المعنوية التي تصبح النعم المادية بدونها فاقدة للهدف والمحتوى.
إن كلمة (سمع) مفردة، وهي بمعنى الأذن، و " الأبصار " وجمع بصر بمعنى العين، وهنا يأتي هذا السؤال، وهو: لماذا ذكرت كلمة السمع في كل القرآن بصيغة المفرد، وأما البصر فإنها جاءت تارة بصيغة المفرد، وتارة أخرى بصيغة الجمع جواب هذا السؤال مذكور في المجلد الأول من هذا التفسير ذيل الآية (7) من سوره البقرة.
ثم تطرقت الآية إلى ظاهرتي الموت والحياة اللتين هما أعجب ظواهر عالم