تختص بمنافقي عصر النبوة، بل هي مشتركة بين منافقي كل العصور والأزمنة، فإن هؤلاء يسعون بسوء ظنهم ودناءة سريرتهم أن يقللوا من أهمية أعمال الخير بأساليب مختلفة، وإماتة الحوافز الخيرة في الناس والسخرية والاستهزاء، والاستهانة بأعمال الفقراء المخلصة والخالية من كل شائبة، وتحطيم شخصية هؤلاء، كل ذلك من أجل إطفاء جذوة الخير في المجتمع لينالوا ما يطمحون إليه من الشر والفساد.
إلا أن الواجب على المسلمين الواعين في كل عصر وزمن أن ينتبهوا إلى أهداف المنافقين وخططهم، وأن يشمروا الساعد ويحثوا السير في الاتجاه المضاد لعمل هؤلاء، فيدعون الناس إلى عمل الخير، ويوقرون ويعظمون العمل الصغير إذا صدر من الفقراء، ويكبرون فيهم تلك النفوس التي لم تقصر عن خدمة الإسلام حسب طاقتهم، وعن هذا الطريق سيشجعون الصغير والكبير على الاستمرار في هذه الأعمال، بل ويكثرون منها إذا قدروا، وكذلك عليهم أن يبينوا لهم خطط المنافقين الهدامة في سبيل تحطيمهم، فإذا عرفها المجتمع فسوف لا تؤثر فيه دعاياهم وسمومهم، وعندها سيستمر في طريق الخير وخدمة الدين الحنيف وتثبيت هذه العقيدة التي اختارها.
3 - ليس المراد من جملة سخر الله منهم أن الله سيعمل أعمالا تشابه أعمالهم، بل المراد - كما قاله المفسرون - أن الله سبحانه تعالى سيجازيهم على ما عملوا من الأعمال السيئة، أو أنه تعالى سيحقرهم كما حقروا عباده وسخروا منهم.
4 - لا شك أن عدد السبعين الوارد في الآية يدل على الكثرة لا على نفس العدد، وبعبارة أخرى: إن معنى الآية، أنك مهما استغفرت لهؤلاء فلن يغفر الله لهم، تماما كما يقول شخص لآخر: إذا أصررت وكررت قولك مائة مرة فلن أقبل منك، ولا يعني هذا أنه لو كرر قوله مائة مرة وزاد واحدة فسوف يقبل قوله، بل المراد أن