حيث يجب القتل في الزنا من الكتاب، فان الله تعالى وضع قوله " ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة " (1 في الانعام وبني إسرائيل بين قوله " ولا تقتلوا أولادكم " (2 وقوله " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق " (3 إشارة إلى ذلك، لان الحق الذي يستباح به قتل النفس في الشريعة الكفر بعد الايمان وقود النفس الحرام والزنا بعد الاحصان.
وما ذكر من أنه يجمع على الزاني المحصن الجلد والرجم يبدأ بالجلد ويثنى بالرجم، ودليلنا عليه اجماع الطائفة المحقة، فإنه لا خلاف في استحقاق المحصن الرجم وانما الخلاف في استحقاقه الجلد.
والذي يدل على استحقاقه إياه قوله تعالى " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منها مائة جلدة " والمحصن يدخل تحت هذا الاسم فيجب أن يكون مستحقا للجلد، فكأنه تعالى قال اجلدوهما لأجل زناهما، وإذا كان الزنا علة لاستحقاق الحد وجب في المحصن كما وجب في غيره. واستحقاقه الرجم غير مناف لاستحقاقه الجلد، لان استحقاق الحدين لا يتنافى واجتماع الاستحقاقين لا يتناقض. ولا تحمل هذه الآية على الانكار، لأنه تخصيص بغير دليل.
والخطاب بهذه الآية وإن كان متوجها إلى الجماعة فالمراد به الأمة بلا خلاف، لان إقامة الحد ليس لأحد الا للامام أو لمن نصبه الامام.
فإذا كان الذي من وجب عليه الرجم قد قامت عليه بينة كان أول من يرجمه الشهود ثم الامام ثم الناس، [وإن كان قد وجب عليه باقراره على نفسه كان أول من يرجمه الامام ثم الناس]. (4.