وليس لاحد أن يقول: انما يتمشى لكم ذلك لو كان الثلثان في كل موضع نصيب الابن مع وجود البنتين والثلاث فصاعدا أيضا كما كان مع بنت واحدة وذلك لان أول العدد على ظاهر القرآن ذكر وأنثى وللذكر الثلثان، فلا اعتبار بما سواه من الأحوال، لان الدرجة الأولى هي التي يبنى عليها وللفظ يقتضي ذلك.
ويمكن أن يستدل على ذلك بوجه آخر، وهو أن يقال: ان الله تعالى بين نصيب الولد الذكر سهمين، وذكر الأنثيين وبين فرضهما من فحواه، وبين فرض من فوق اثنتين من البنات بعده، فدلت الآية على سهم البنتين كما ذكرناه من فحواها ودلت على حظ من زاد عليهما من الثلاث والأربع فصاعدا من حيث ظاهر اللفظ والتصريح ليكون في باب الفصاحة أبلغ ومن التكرار أبعد.
وأما قوله " وان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك " فقد علمنا به أن الثلثين فرض يسمى لمن زاد على البنتين أيضا، كما أن هذه التسمية تتصور مع فقد جنس البنتين من الثلثين فرض لهما بالنص الأول الا أن هذه التسمية انما تتصور مع فقد جنس البنتين من الصلب.
وكذا قوله " وان كانت واحدة لها النصف " لأنه ليس للبنت الواحدة ولا للاثنتين فصاعدا مع وجود ابن فما زاد فرض مسمى، بل يكون الميراث بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. ومثاله قوله تعالى " ان امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها ان لم يكن لها ولد فان كانت اثنتين فلهما الثلثان مما ترك "، فسمى سبحانه للأخت الواحدة من الأب والام أو من الأب النصف وللأختين منه الثلثين.
وانما يصح ذلك شريطة فقد أحد من الاخوة فصاعدا، ألا ترى إلى قوله تعالى بعده " وان كانوا أخوة رجالا ونساءا فللذكر مثل حظ الأنثيين " قد أسقط