(فصل) ويدل على ذلك أيضا عموم قوله تعالى " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن " (1، فظاهر الخطاب يقتضي تحريم تمني ما فضل الله به بعضا على بعض، فلا يجوز لرجل أن يتمنى أن كان امرأة ولا للمرأة ان تتمنى لو كانت رجلا بخلاف ما فعله الله تعالى، لأنه تعالى لا يفعل من الأشياء الا ما هو الأصلح، فيكون تمني ما يكون مفسدة (2.
ثم اعلم أن الله أخبر عن أحوال المؤمنين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وعن أحوال الأنصار بقوله تعالى " ان الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا " (3.
فقال " أولئك " يعني المهاجرين والأنصار " بعضهم أولياء بعض "، ثم أخبر عن الذين آمنوا ولم يهاجروا من مكة إلى المدينة فقال " مالكم من ولايتهم من شئ ".
قيل نفى ولاية القرابة عنهم لأنهم كانوا يتوارثون بالهجرة والنصرة دون الرحم - في قول ابن عباس. وقيل إنه نفى الولاية التي يكونون بها يدا واحدة في الحل والعقد، فنفى عن هؤلاء ما أثبته للأولين حتى يهاجروا. وقيل نسخ ذلك بقوله " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " (4.