وانما قلنا إن الأخوين يحجبان للاجماع، وأيضا فإنه يجوز وضع لفظ الجمع في موضع التثنية إذا اقترنت به دلالة كما قال " ان تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما " على أن أقل الجمع اثنان.
فان قيل: لم حجبت الام الاخوة من غير أن يرثوا مع الأب.
قلنا: قال قتادة معونة للأب لأنه يقوم بنفقتهم ونكاحهم دون الام. وهذا بعينه رواه أصحابنا، وهو دال على أن الاخوة من الام لا يحجبون، لان الأب لا يلزمه نفقتهم على حال.
وإن كان الاخوة كفارا أو مماليك أو قاتلين ظلما لا يحجبون الام أيضا مع وجوب الأب وفقده. وكذلك ان كانا اثنين وكان أحد الأخوين كافرا أو رقا أو قاتلا ظلما كذلك فان الام لا تحجب.
وقوله " لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا " معناه لا تعلمون أيهم أقرب نفعا في الدين والدنيا والله يعلمه فافهموه على ما بينه من تعلم المصلحة فيه.
وقال بعضهم: الأب يجب عليه نفقة الابن إذا احتاج إليها، وكذلك الابن يجب عليه نفقة الأب مع الحاجة. فهما في النفع في هذا الأب سواء لا تدرون أيهم أقرب نفعا. وقيل: لا تدرون أيكم يموت قبل صاحبه فينتفع الاخر بماله.
وقوله " فريضة من الله " نصب على الحال من قوله " لأبويه "، وتقديره فيثبت لهؤلاء الورثة ما ذكرناه مفروضا فريضة مؤكدة، كقوله " يوصيكم الله " هذا قول الزجاج. وقال غيره: هو نصب على المصدر من يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فرضا مفروضا. ويجوز أن يكون نصبا على التمييز، أي فلأمه السدس فريضة، كما يقال هو لك صدقة أو هبة.
وانما يقال في تثنية الأب والام " أبوان " تغليبا للفظ الأب، ولا يلزم على ذلك في ابن وابنة لأنه ههنا يوهم.