الذي ذكرناه سابقا ويرجح الثاني عمل الطائفة والاشتهار بينهم وبعضده ما رواه سماعة قال سألته عن جلود السباع ينتفع بها قال إذا رميت وسميت فانتفع بجلده واما الميتة فلا وما رواه أبو القاسم الصيقل وما رواه ابنه وقد ذكرنا في نجاسة الميتة فالمسألة محل تردد والترجيح للمشهور وعلى القول بالنجاسة هل يجوز الانتفاع بها في اليابس قال الفاضلان والشهيدان لا وهو غير بعيد لعموم النهي في الخبرين وقد يناقش في الصحة والعموم وفيه تأمل بعيد نعم التمسك بالآية ضعيف كما مرت الإشارة إليه واعلم أنه نقل عن ابن الجنيد انه اشترط في حصول الطهارة بالدباغ ان يكون ما يدبغ به طاهرا وحجته غير معلومة وكانه نظر إلى علوق اجزاء النجس بالمدبوغ لسريانه في الأعماق وروى أبو بريد القمي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام انه سأله عن جلود الدارش الذي يتخذ منها الخفاف فقال لا تصل فيها فإنها يدبغ بخرء الكلاب والرواية والوجه المذكور غير وافيان باثبات المدعا لكن لابد للقائل بالطهارة من الموافقة على الشرط المذكور ان ثبت عدم (القائل بالفصل) ويغسل الاناء من الخمر وغيره من النجاسات حتى يزول العين تنقيح هذه المسألة يتم ببيان أمور الأول اختلف الأصحاب في غسل الإناء من الخمر فأوجب جمع من الأصحاب منهم المفيد والشيخ في أحد قوليه وسلار والشهيد في أكثر كتبه والشيخ علي وذهب المحقق في الشرايع والمصنف في بعض كتبه إلى الاكتفاء فيه بالثلث وهو مذهب الشيخ في الخلاف حيث ذهب إلى وجوب غسل الإناء ثلثا فيما عدا الولوغ من سائر النجاسات وذهب المحقق في المعتبر والمصنف في المختلف إلى الاكتفاء بالمرة بعد إزالة العين كغيره من النجاسات سوى الولوغ وذهب الشهيد في اللمعة إلى ايجاب المرتين حيث اعتبر ذلك في غسل الإناء مطلقا وذهب المصنف في عدة من كتبه إلى الاكتفاء بالمرة المزيلة للعين واختاره الشارح الفاضل وصاحب المعالم ولا يخلو عن قوة حجة الأول رواية عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام في الاناء يشرب فيه النبيذ فقال يغسل سبع مرات وحجة الثاني رواية عمار أيضا عنه (ع) أيضا انه سئل عن قدح أو اناء يشرب فيه الخمر فقال يغسله ثلث مرات وسئل أيجزأه ان يصب فيه الماء قال لا يجزئه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلث مرات والذاهبون إلى الثلث حملوا رواية السبع على الاستحباب جمعا بين الروايتين واما الذاهبون إلى السبع فوجه اطراحهم لرواية الثلث مع تساويهما في السند غير معلوم (وقد يعول فيه على أن الشهرة مع رواية السبع وان هو ان صح غير معلوم) في العصر المتقدم واما حجة باقي المذاهب فصلى عدم الزائد استضعاف الروايتين وأصالة البراءة وعلى الاكتفاء بما ذكروا ما سيجيئ واعلم أنه نص الشيخان وجماعة ممن قال بوجوب السبع على انسحاب الحكم في غير الخمر من سائر المسكرات وبعضهم لم يتعرض لذلك والرواية بلفظ النبيذ فالتعدية إلى غيره مشكل ثم إن كثيرا ممن نفوا وجوب السبع حكموا باستحبابه فعند البعض للجمع بين الروايتين وعند آخرين للمسامحة في أدلة السنن الثاني أوجب الشيخ في النهاية غسل الإناء سبعا إذا مات الفارة فيه ووافقه على ذلك جماعة من الأصحاب واكتفى الشيخ في الخلاف والمحقق في الشرائع والمصنف في جملة من كتبه بالثلث وأوجب الشهيد في اللمعة مرتين والمصنف في المختلف والمحقق في المعتبر إلى الاكتفاء بالمرة بعد إزالة العين والمصنف في عدة من كتبه إلى الاكتفاء بالمرة المزيلة للعين واختاره الشارح الفاضل وهو أقرب وذكر أكثر النافين لوجوب السبع هنا أيضا استحبابه حجة الأول رواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله قال يغسل الاناء الذي يصيب فيه الجرذ ميتا سبع مرات وردها المحقق بضعف السند مع كون مدلولها غير متفق عليه وهو حسن مع أن ايجاب السبع بالرواية يقتضى قصر الحكم على موردها وهي الجرذ وهو أخص من الفارة فتعميم الحكم في مطلق الفارة يحتاج إلى دليل اخر فما يقال من أن الحكم منسحب في غير هذا النوع من الفارة نظر إلى اطلاق اسم الفارة على الجميع غريب وحجة الثاني بالنسبة إلى نفي الأكثر بعد استضعاف الرواية أصالة البراءة واما بالنظر إلى نفي الاكتفاء بالأقل فغير واضح ولعله زعم انحصار الخلاف المتقدم في القولين وهو مشكل واما حجة المرة والمرتين فسيجيئ الثالث اختلف الأصحاب في غسل الإناء من ساير النجاسات فقال الشيخ في الخلاف يغسل الاناء من سائر النجاسات سوى الولوغ ثلث مرات وهو المنقول عن ابن الجنيد واختاره الشهيد في الذكرى والدروس والشيخ علي وذهب الشهيد في اللمعة والرسالة إلى الاكتفاء بالمرتين وذهب المحقق في المعتبر والمصنف في المختلف والشهيد في البيان إلى الاكتفاء بالمرة بعد إزالة العين وذهب المحقق في الشرائع والمصنف في أكثر كتبه والشارح الفاضل إلى الاكتفاء بالمرة المزيلة للعين احتج الشيخ في الخلاف بطريقة الاحتياط فإنه مع الغسل ثلثا يحصل العلم بالطهارة وبرواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام عن الكوز والاناء يكون قذرا كيف يغسل (وكم مرة يغسل) قال ثلث مرات ونقل المحقق عن الشيخ الاحتجاج بالاجماع أيضا وأجاب بان احتجاجه بالاجماع بعيد مع روايته المرة ثم قال انا نطالبه بتحقق الاجماع وأشار بقوله وروايته المرة إلى ما قال الشيخ في المبسوط بعد حكمه بوجوب الغسل ثلثا وغسلة واحدة وقال المصنف في المنتهى وقد توهم بعض الناس ان الشيخ استدل هنا بالاجماع واستبعده مع روايته للمرة والشيخ لم يستدل بالاجماع هنا بل بالاحتياط ولا ريب فيه انتهى وكان المحقق توهم نقل الاجماع من كلام الشيخ في الخلاف فإنه موهم لذلك والصحيح ما فهمه المصنف واقتفى الشهيد في الذكرى اثر المحقق فنقل عن الشيخ نقل الاجماع على اعتبار الثلث وتساهل الشيخ في نقل الاجماع هون الامر في ذلك والاحتجاج بالاحتياط ضعيف والرواية غير صحيحة معارضة برواية المرة فيجوز حملها على الاستحباب واما حجة الاكتفاء بالمرتين فكأنها مخرجة من اعتبار ذلك في البول مع انضمام أصالة البراءة من الزائد واستضعاف حجة الشيخ كما لا يخفى وحجة القول بالمرة بعد استضعاف الاحتجاج للزائد حصول الامتثال بالغسل لكن يتم ذلك فيما كان مستند الحكم بالنجاسة الامر بالغسل ويشكل فيما كان مستند الحكم بالنجاسة اجماعا فإنه يتجه هناك عدم الحكم بالنجاسة بعد حصول الغسل مرة بنا على ما عرفت من ضعف التمسك بالاستحباب في موضع النزاع الا ان الحكم بالطهارة يحتاج إلى دليل اللهم الا ان يتمسك بعدم (القائل بالفصل بين الموضعين أو يتمسك) بالعمومات الدالة على طهارة المياه بالتقريب الذي أشرنا إليه مرارا واحتج المحقق في المعتبر على ما اختاره فيه بحصول الغرض من الإزالة وقريب منه احتجاج المصنف في المختلف وهذا الدليل لا يقتضى أكثر من اعتبار الغسل المزيل وقد يوجه بان سبب التنجيس إذا كان موجودا لم يطهر الماء الوارد معه اثر ورد بان النافي من البلل وغيره في المحل عين نجاسة فيأتي الكلام والحاصل انه لو تم لاقتضى عدم حصول الطهارة بالغسل مرة بعد زوال العين أيضا والتفرقة بين النجس والمتنجس في هذا الحكم مما لا يساعده دليل وظهر مما ذكرنا ان القول بالاكتفاء بالمرة المزيلة للعين لا يخلو عن قوة واعلم أن أكثر القائلين بالمرة هنا ذكروا استحباب الثلث والمستند فيه ما مر في استحباب السبع للفارة والخمر ومن ولوغ الكلب وحقيقة الولوغ على ما نص جماعة من أهل اللغة شرب الكلب مما في الاناء بطرف لسانه ونقل عن بعضهم انه ادخال لسانه فيه وتحريكه له وذكر جماعة من متأخري الأصحاب ان لطع الكلب للإناء في معنى ولوغه نظرا إلى أنه أولي بالحكم من الولوغ فيتناوله الدليل بمفهوم الموافقة وللتأمل فيه مجال ثلثا أولهن بالتراب والغسل ثلثا مرة بالتراب وهو المشهور بين الأصحاب حتى أن الشيخ في الخلاف والشهيد في الذكرى نقلا اجماع الأصحاب عليه وهو ظاهر المنتهى وذهب ابن الجنيد إلى أنه يغسل سبعا أولهن بالتراب حجة المشهور وجوه الأول الاجماع المنقول الثاني صحيحة أبي العباس الفضل عن الصادق عليه السلام قال سألته عن الكلب فقال رجس نجس لا تتوضأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء مرتين الثالث ان الواجب إزالة عين النجاسة بالماء الطاهر وهذا المعنى يحصل بالثلث والأصل براءة الذمة من الزائد واعلم أن لفظة مرتين غير موجودة في الخبر فيما وقفت عليه من كتب الأحاديث ولم ينقله الشيخ في الخلاف والمصنف في المختلف عند نقل الحديث وانما وجد في كلام المحقق في المعتبر وتبعه جماعة ممن تأخر عنه منهم المصنف في المنتهى ولا يبعد ان يكون الزيادة سهوا أو عثر عليه المحقق في غير الكتب المشهورة في هذا الزمان من كتب الحديث واطباق الأصحاب الا الشاذ منهم على مدلوله يؤيد ذلك الا ان ذكره مرسلا يرفع الوثوق بالنسبة إلينا فالتعويل عليه مشكل الا ان يستعان فيه والاشتهار واما الاحتجاج الأخير فلا يدل على وجوب الثلث فلم يبق الا الاجماع فان تم كان هو الحجة والا لم يتم الحكم بوجوب الثلث احتج ابن الجنيد على ما نقل عنه بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا ولغ الكلب في اناء أحدكم فليغسله سبعا أوليهن بالتراب وما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال يغسل من الخمر سبعا وكذلك الكلب والجواب
(١٧٦)