يحيى وقعت في الاسناد سهوا في عبارة التهذيب والرواية رواها الكليني في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن أبي بصير والظاهر أن أحمد بن محمد الواقع في الطريق هو أحمد بن محمد بن عيسى بقرينة رواية محمد بن يحيى عنه روايته عن عثمان بن عيسى ونقله الشيخ في الاستبصار باسناده إلى الكليني ببقية السند كما في الكافي وفى التهذيب نقله باسناده إلى محمد بن يعقوب ببقية السند لكنه زاد على أحمد بن محمد بن يحيى والمظنون ان لفظة ابن يحيى وقعت في عبارة التهذيب سهوا من الشيخ أو بعض الناسخين وكم من مثل هذا في التهذيب فظهر بما ذكرنا ان الخبر معتمد فتدبر الثاني ما ذهب إليه الصدوق وجماعة من القميين على ما حكى عنهم وتبعهم المصنف في المختصر والشهيد الثاني في الروضة والشيخ على في بعض كتبه وهو اعتبار الأشبار الثلاثة في الابعاد الثلاثة واسقاط النصف لرواية إسماعيل بن جابر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الماء الذي لا ينجسه شئ قال كر قلت وكم الكر قال ثلثة أشبار في ثلثة أشبار واستضعفها المحقق في المعتبر بقصورها عن إفادة المدعى لما فيها من الاخلال بذكر البعد الثالث وفيه نظر لاشتراك ذلك بين الروايتين والجواب واحد وهو شيوع مثل هذه العبارة وإرادة الضرب في الابعاد الثلاثة نعم قد نوزع في سنده بناء على أن الشيخ رواها في التهذيب بطريقين في أحدهما عبد الله بن سنان وفى الأخر محمد بن سنان والراويان قبل وبعد متحدان واحتمال روايتهما معا له منتف قطعا لاختلافهما في الطبقة والذي يظهر من التتبع ان الواقع في طريق هذه الرواية هو محمد بن سنان وان ذكر عبد الله سهو فتكون ضعيفة لضعف محمد بن سنان ومن الروايات الواردة في هذا الباب صحيحة إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الماء الذي لا ينجسه شئ قال ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته قال في المعتبر بعد نقل هذه الرواية وهذه حسنة ويحتمل ان يكون قدر ذلك كر أو استوجه بعض المتأخرين مضمون هذه الرواية لكني لم اطلع على قائل بالعمل بمضمونه من المتقدمين عليه ولو حمل الخبر على أن هذا تحديد الكر في المدور دون المربع صار قريبا من مذهب القميين ولا يزيد عليه الا شئ يسير ولعله مبنى على المتعارف من اهمال الكسور إذا كان التفاوت مسامحا وكانه يشعر به ايراد لفظ السعة دون الطول والعرض فعلى هذا الخبر من مؤيدات مذهب ابن بابويه بناء على أن حملها على غير ذلك يوجب طرحها لكونه غير معمول عند الأصحاب ومما يؤيد مذهب القميين كونه أقرب بالتقدير بالمقدار من غيره على ما ذكره المصنف في المختلف وما نقله شيخنا الشهيد في الذكرى عن ابن طاوس انه ما إلى رفع النجاسة بكل ما روى لا يخرج في الحقيقة عن قول القميين فان الظاهر أنه يحمل الزائد عليه على الندب الثالث ما نقل عن القطب الراوندي وهو ما بلغت ابعاده الثلاثة عشرة أشبار ونصفا من غير اعتبار التكسير ولا يخفى ما في هذا التحديد من التفاوت العظيم فإنه قد يكون مساحته مساوية لمساحة الكر على القول المشهور وقد يكون ناقصة عنها قريبة منها وقد تكون بعيدة عنها جدا كما لو كان طوله تسعة أشبار وعرضه شبر أو عمقه نصف عشير فان مساحته أربعة أشبار ونصف فما ذكره الفاضل الشارح من أن أبعد الفروض عنها ما لو كان كل من عرضه وعمقه شبرا وطوله عشرة أشبار ونصفا محل تأمل مع أن المناسب ان يذكر فرضا لا يريد مجموع الابعاد فيه على عشرة ونصف وليس ما ذكر كذلك الرابع ما بلغ تكسيره مائة شبر وهو المنقول عن ابن الجنيد ومأخذ هذين القولين غير معلوم قال في المختصر وما أشد تنافر ما بين هذين القولين ويدفع مذهب ابن الجنيد الأخبار السابقة وغيرها كالخبر الدال على أن الكر أكثر من رواية والخبر الدال على أن الكر نحو حب من حباب المدينة والتقدير بالأرطال أيضا يدفع هذين المذهبين فانحصر الخلاف المعتد به في المذهبين الأولين والتوقف في ترجيح أحدهما على الأخر حسن وما نقل عن ابن طاوس ليس بعيد عن الصواب لو صح السند وقد يرجح الأول بناء على أن عدم الانفعال بالنجاسة مشروط بكونه قدر الكر فلابد للعلم بحصول الشرط من دليل وقد علمت انتفاؤه بالنسبة إلى القدر الأقل وأنت خبير بما فيه فلا تغفل بشير مستوى الخلقة ترجيحا للغالب المتعارف وحمل الخبر عليه لم ينجس الا بتغير أحد أوصافه الثلاثة يعنى اللون والطعم والرائحة بالنجاسة أي بواسطة ملاقاتها لا بالمجاورة ولا بملاقاة المنجس وهذه الأحكام لا خلاف فيها بين الأصحاب الا بنجاسة الماء بملاقاة المنجس فان للشيخ فيه خلاف ضعيف وقد مر الأخبار الدالة على هذه الأحكام في الاحكام الجاري فان تغير الكر بها على الوجه المذكور نجس أجمع إن كان كرا من غير زيادة لنجاسة المتغير ونقصان الباقي عن الكر إن كان فتنفعل بالملاقاة ويطهر الماء النجس بالقاء كر طاهر عليه دفعة واحدة عرفية فإن لم يزل التغير المفروض فكر اخر وهكذا حتى يزول التغير اعلم أنه اختلف كلام الأصحاب في ذلك فمنهم من اعتبر الدفعة ومنهم من اطلق وتحقيق الكلام ان نقول إن اعتبرنا في عدم انفعال الكر في علو الكثير والمساواة في السطح فالمتجه حينئذ اشتراط الدفعة لان وقوعه تدريجا يوجب خروجه عن المساواة فتنفعل الأجزاء التي هي أسفل بملاقاة النجس وينقص الباقي عن الكر فلا يصلح لإفادة الطهارة والمراد بالدفعة العرفية لعدم امكان الحقيقة ولا يخفى ان القاء الماء بحيث لا يخرج عن المساواة متعسرا و متعذر في كثير من الأحيان فلعل القائل باشتراط المساواة يكتفى هيهنا بصدق الاجتماع والوحدة العرفية وان اختلفت السطوح في الجملة وان لم نعتبر ذلك فلا يخلو إما ان يشترط في التطهير الامتزاج أم يكتفى بالاتصال وعلى الأول فالمتجه عدم اشتراط الدفعة بل المبسوط يحصل به ممازجة الطاهر للنجس حتى لو فرض حصول ذلك قبل القاء تمام الكر فيه حصل التطهير حينئذ و على الثاني لا تعتبر الدفعة في حصول الطهارة بل يكفي مجرد الاتصال ويشترط على جميع التقادير ان لا يتغير شئ من المطهر بالنجاسة فلو فرض ان الماء متغير فمن اللازم ان يزيل التغير أو لا أو يلقى الكر عليه دفعة بحيث لا يتغير شئ منه أو يزيد في المقدار الماء المطهر على الكر بحيث يسلم مقدار الكر عن التغير والشارح الفاضل لما لم ير اعتبار المساواة وفهم ذلك من كلام أكثر الأصحاب استوجه عدم اشتراط الدفعة وحمل كلام من ذكرها منهم كالمصنف على إرادة الاتصال وذلك غير متعين لان كلام المصنف في مادة الحمام يدل على انفعال السافل من الماء فلعله اشترط الدفعة بناء على ذلك وممن اكتفى بمجرد الاتصال الشهيد في الذكرى واعترض عليه الفاضل الشيخ على بان فيه تسامحا لان وصول أول جزء منه إلى النجس يقتضى نقصانه عن الكر فلا تطهر ولورود النص بالدفعة وتصريح الأصحاب بها فلعل ما ذكره مبنى على أن الشهيد رحمه الله اعتبر في عدم الانفعال استواء السطوح أو علو الكثير فلا يرد عليه انه يكفي في الطهارة بلوغ المطهر الكر حال الاتصال إذا لم يتغير بعضه بالنجاسة وان نقص بعد ذلك مع أن مجرد الاتصال لا يقتضى النقصان نعم يرد عليه ان ما ذكره من النص غير موجود في شئ من كتب الحديث ولا في كتب الا الاستدلال مثل المنتهى على احاطته بالاخبار بل استدل فيها على طهارة الكثير المتغير بالقاء الكر دفعة بان الطارئ غير قابل للنجاسة لكثرته والمتغير مستهلك فيه فيطهر وقد سبقه على هذا الاستدلال المحقق في طهارة القليل الغير المتغير ولو كان هنا نص لكان أحق بالذكر مما ذكر ومما تحصل به طهارة الكر النجس اتصاله بالماء النابع وفى معناه الجاري عن مادة كثيرة واعتبار المساواة أو العلو وعدمها واشتراط الامتزاج وعدمه يعلم من السابق ويحصل طهارته أيضا بنزول الغيث عليه وقد مر الكلام في ذلك والمشهور انه لا يطهر بزوال التغير من قبل نفسه أو بتصفيق الرياح أو وقوع أجسام طاهرة عليه وذهب يحيى بن سعيد صاحب الجامع إلى أنه يطهر بذلك واحتمل ذلك المصنف في النهاية ويمكن الاستدلال عليه بالعمومات الدالة على طهارة الماء المتغير وفيه تأمل حجة المشهور انه ماء محكوم بنجاسة شرعا فلا يطهر الا بدليل شرعي وهذا انما يتم إذا ثبت دليل دال على دوام النجاسة وليس ذلك بموجود على سبيل العموم الا ان كثيرا مما دل على انفعال القليل بالملاقاة يدل على دوام المنع فلو كان الكر النجس حاصلا من اجتماع المياه القليلة النجسة يلزم فيه استصحاب الحكم الا بدليل رافع يحتاج تعميم الحكم إلى ثبوت الاجماع المركب فتدبر ومما ينبغي التنبيه عليه ان الشيخ رحمه الله ذكر في المبسوط بعد ذكر بعض المياه النجسة من الواقف والطريق إلى تطهير هذه المياه ان يطرأ عليها كر من ماء مطلق ثم ذكر بعد أسطر متعلقة بهذا الحكم والماء الذي يطرأ عليه فيطهره لا فرق بين ان يكون نابعا من تحته أو يجرى إليه أو نقلت فيه فإنه إذا بلغ ذلك مقدار الكر طهر النجس والاخفاء في أن مراده بالنابع الكر من الواقف إذا نبع من تحت الماء النجس لا الجاري وقال في الخلاف لا يطهر الا ان يرد عليه كر من ماء والمحقق بعد نقله لكلام المبسوط ثم نقله لعبارة الخلاف قال وهذا أشبه بالمذهب لان النابع ينجس بملاقاة النجاسة وان أراد بالنابع ما يوصل من تحته لا ان يكون نبعا من الأرض فهو صواب وتبعه على هذا المصنف في المنتهى فحكى كلام الشيخ في الكتابين ثم قال إن أراد بالنابع ما يكون نبعا من الأرض ففيه اشكال من حيث إنه ينجس بالملاقاة فلا يكون مطهرا وان أراد به ما يوصل من تحته فهو حق ومرادهما من النابع من الأرض ان يجعل الكر من
(١٢٣)