يكون النجاسة مستوعبة له أم لا وعلى الأول نجس أجمع وعلى الثاني نجس المتغير قطعا واما الباقي فيختلف بحسب اختلاف حال الماء فلا يخلو إما ان يكون الماء مستوى السطوح أم لا وعلى التقديرين إما ان تستوعب النجاسة عمود الماء وهو ما بين حافتي المجرى عرضا وعمقا أم لا وعلى الأول إما ان يبلغ ما يلي المتغير من غير جهة المنبع كر أم لا فهذه ست صور الأولى ان يكون السطوح مستوية ولا تستوعب النجاسة عمود الماء ولا ريب في اختصاص المتغير بالنجاسة إذا بلغ الباقي كرا وان لم يبلغ فيبنى على الخلاف في اشتراط الكرية في الجاري الثانية الصورة بحالها لكن استوعب النجاسة عمود الماء وكان ما يلي المتغير من غير جهة المنبع كرا وحكمها كالأولى لكن يشترط في بقاء ما يلي المتغير إلى جانب المنبع على الطهارة ان يكون كرا بناء على القول باشتراط الكرية في الجاري وعن بعضهم الحكم بعدم الانفعال مع القلة وان اعتبرنا الكرية استنادا إلى أن جهة المنبع في الجاري أعلى سطحا فلا تسرى النجاسة إليه وفيه منع واضح لان الجريان قد يتحقق مع المساواة خصوصا المساواة العرفية التي هي مناط الاعتبار الثالثة الصورة بحالها ولكن يكون ما يلي المتغير من غير جهة المنبع دون الكر ولا ريب في نجاسة لقلته مع ملاقاته للنجاسة وحكم ما قبل المتغير كما قبلها الرابعة ان تختلف السطوح ولم تستوعب النجاسة العمود وهي كالصورة الأولى في الحكم بناء على ما ذكرنا من عدم اشتراط استواء السطوح في الماء الجاري وان قلنا باشتراط الكرية فيه الخامسة الصورة بحالها ولكن استوعبت النجاسة العمود وكان ما بعده بالغا قدر الكر فلا يخلو إما ان يكون سطوح ما بعده مستويا أم مختلفا وعلى الأول فلا ريب في بقائه على الطهارة وعلى الثاني فهو مبنى على الخلاف المتقدم في اشتراط استواء سطوح مقدار الكر في الواقف وعدمه ومن التفصيل المذكور فيه يستفاد الحكم هيهنا واما ما يلي المنبع فهو طاهر قطعا وان اعتبرنا الكرية في الجاري إن كان فوقه والا فيشترط في طهارته الكرية بناء على القول باعتبارها في الجاري السادسة الصورة بحالها ولكن كان ما بعد المتغير دون الكر ولا ريب في نجاسته وحكم ما قبل المتغير كما قبلها ويطهر بتدافع الماء الطاهر عليه حتى يزول التغير تمام الكلام في هذه المسألة يحتاج إلى تقديم بحث هو انه هل يكفي في تطهير الماء مجرد الاتصال أم لابد من الممازجة والاستيلاء اختلف فيه كلام الأصحاب وظهر من فتوى جماعة منهم الاضطراب فمن صرح بعدم الاكتفاء بالاتصال المحقق في المعتبر في مسألة الغديرين الموصول بينهما بساقية والمصنف في التذكرة في المسألة المذكورة والشهيد في الذكرى حكم بعدم طهارة القليل بمماسته الكثير واعتبر المصنف في هي؟ والنهاية في تطهير الحوض الصغير من الحمام غلبة المادة عليه بحيث يستولى عليه ولم يكتف باجرائها إليه وقريب منه في التحرير واكتفى المصنف بمجرد الاتصال في المنتهى في مسألة الغديرين على الظاهر من كلامه وجعل في التحرير الأولى زوال النجاسة بالاتصال في المسألة المذكورة وقريب منه في النهاية واكتفى الشهيد في اللمعة بمجرد الملاقاة وقال الشارح في الروضة يشمل اطلاق المساواة ما لو تساوى سطحاهما أو اختلفا مع علو المطهر على النجس وعدمه والمصنف لا يرى الاجتزاء بالاطلاق في باقي كتبه بل يعتبر الدفعة والممازجة وعلو المطهر أو مساواته انتهى وممن جعل المناط الاتصال الفاضل الشيخ على والشهيد الثاني لكنه قيد المساواة أو علو المطهر وصدق لوحدة العرفية في بعض كتبه وأطلق في البعض وحجة من اعتبر الامتزاج ان النجس في صورة عدم الامتزاج متميز عن الطاهر فيكون على حكمه وفيه انه ان أراد بالتمييز عدم صدق الوحدة العرفية بينه وبين الظاهر فالصغرى ممنوع كلية وان أراد أعم من ذلك فالكبرى ممنوع على انا لا نسلم توقف الطهارة على عدم التمييز لابد لذلك من دليل ويمكن الاستدلال عليه بوجهين آخرين الأول أصالة عدم الطهارة؟؟؟ فان حكم النجاسة مستصحب إلى أن يثبت الرافع ولم يثبت ان مجرد الاتصال كاف ويرد عليه ما أشرنا إليه سابقا من أن استمرار الحكم تابع لدلالة الدليل الدال عليه فإذا دل الدليل عليه ثبت و الا فلا وههنا القدر المسلم استصحاب النجاسة إلى زمان الاتصال حسب سلمنا الاستصحاب لكنه دليل ظني وقد عارضه ههنا أقوى منه وهو العمومات الدالة على طهورية المياه مطلقا والعمومات الدالة على طهارة الماء الذي لم يتغير بالنجاسة فيكون العمل بها متعينا سلمنا عدم قوة المعارض لكن ترجيح الاستصحاب عليه يحتاج إلى دليل الثاني توقف البراءة اليقينية على الاجتناب عنه ما لم يمتزج يقتضى الحكم بنجاسة ويرد عليه دلالة العمومات المذكورة على الطهارة فتحصل البراءة اليقينية على أن البراءة اليقينية قد يقتضى استعماله كما إذا انحصر الماء فيه واحتجنا إلى الطهارة احتج الشارح الفاضل على الاكتفاء بمجرد الاتصال وعدم الاحتياج إلى الامتزاج بالأصل ولعدم تحقق الامتزاج لأنه ان أريد به امتزاج مجموع الأجزاء لم يتحقق الحكم بالطهارة لعدم العلم بذلك بل ربما علم عدمه وان أريد به البعض لم يكن المطهر للبعض الأخر الامتزاج بل مجرد الاتصال فيلزم إما القول بعدم طهارته أو القول بالاكتفاء بمجرد الاتصال ولان الأجزاء الملاقية للطاهر يظهر بمجرد الاتصال قطعا فيطهر الأجزاء التي تليها لاتصالها بالكثير الطاهر وكذا القول في بقية الأجزاء ولان اتصال القليل بالنابع قبل النجاسة كاف في رفع النجاسة وعدم قبولها وان لم يمتزج فكذا بعدها لأن عدم قبول النجاسة انما هو لصيرورة المائين ماء واحدا بالاتصال وهو بعينه قائم في المتنازع فهذه وجوه أربعة وفى الكل نظر إما الأول فلما أشرنا إليه من أن كلا من الطهارة والنجاسة حكم شرعي يحتاج إلى دليل ولا مدخل للعقل فيها وأجيب عنه أيضا بمعارضته لاستصحاب النجاسة واما الثاني فلانا نقول غرض القائل باشتراط الامتزاج ان الماء النجس الذي له وحدة حقيقية لا يطهر الا بان يصدق على مجموعه من حيث هو مجموع انه ممتزج معه مستهلك فيه وذلك انما يحصل بامتزاج بعض اجزائه مع المطهر ونفوذه في بعض اجزاء المطهر حتى يصدق على المجموع انه ممتزج معه وحينئذ يلزم طهارة المجموع ويلزم من ذلك طهارة الأجزاء الغير الممتزجة باتصال خاص وهو اتصال مجامع لصدق الامتزاج على المجموع للاتفاق عليه ولا يلزم من كون اتصال خاص سببا للطهارة بدليل شرعي كون الاتصال مطلقا سببا لها لكونها غير مورد الدليل ولا نص هنا على علة مشتركة توجب تعدية الحكم واما الثالث فلانه موقوف على أن للماء اجزاء متعددة بالفعل بعضها ملاق لبعض وهو ممنوع بل ليس ههنا الا جسم واحد متصل حصل الاتصال لطرفة بالجسم الطاهر واثبات كون ذلك مطهرا له يحتاج إلى دليل شرعي على انا لو سلمنا تعدد الأجزاء وتلاقي بعضها بالبعض في الحقيقة أو في العرف لكن لنا ان نقول كون الماء مطهرا لنفسه على أي وجه اتفق ملاقاته لها يحتاج إلى دلالة شرعية وهي هنا ممنوعة والعمومات الدالة على طهورية الماء لا يدل الا على كونه طهورا في الجملة فيحتاج في اجرائها إلى خصوص المواد إلى ضميمة الاجماع وهو في محل النزاع ممنوع واما الرابع فلان عدم الانفعال بملاقاة النجاسة حال كونه طاهرا بسبب الاتصال لا يستلزم زوال النجاسة بسببه وما ذكر في تعليله ضعيف والأجود الاستدلال عليه بالعمومات الدالة على طهورية الماء وبالعمومات الدالة على طهارة الماء إذا لم يكن متغيرا بالنجاسة لا يقال قول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة لا تنقض اليقين ابدا بالشك ولكن تنقضه بيقين اخر يقتضى استصحاب النجاسة إلى أن يثبت الرافع لأنا نقول قد أشرنا في احكام المضاف إلى أن الاستدلال بهذا الخبر في أمثال هذه المواضع غير صحيح ومع قطع النظر عن ذلك نقول ليس النقض ههنا بالشك بل باليقين المستفاد من الدليل الدال على وجوب العمل بالعام ما لم يثبت تخصيصه بدليل كما هو الواقع ههنا فاندفع الايراد لكن يرد عليه ان كثيرا من الاخبار الآتية في مبحث نجاسة القليل بالملاقات دال على النهى من الوضوء بالقليل النجس بالنجاسة المذكورة فيها على وجه يعم الأوقات فيكون هذا الحكم مستصحبا فيها إلى أن يثبت الرافع والنهى فيها وان احتمل الرجحان المطلق لكن باقي أدلة نجاسة القليل بالملاقاة قرينة على أن ليس المراد به فيها ذلك وحينئذ يجب قصر الصلاة بصورة الامتزاج لكونها مورد الاتفاق وبدونه لا يصح الحكم بالطهارة لعدم الدليل ولا يمكن تخصيص هذه الأخبار بتلك العمومات بناء على القول بانفعال القليل بالملاقات مع كونها أخص مطلقا من بعض تلك العمومات فاذن ثبت ان القليل لا يطهر بالاتصال ثم يضم إليه دعوى الاجماع على عدم الفصل حتى يعم الحكم لكن المعارض أن يقول مقتضى العمومات السابقة طهارة الكر النجس بالاتصال بعد زوال التغير لسلامتها في دلالتها عليها عن المعارض ثم يضم إليه دعوى الاجماع على عدم الفصل حتى يعم الحكم والتحقيق انه ان ثبت الاجماع على عدم الفصل كان الدليلان متعارضين ولابد من ترجيح أحدهما على الأخر من دليل ولا يبعد ترجيح
(١١٩)