كان وجود الماء ناقضا فان وجده قبل دخوله في الصلاة انتقض تيممه وتطهر نقل الاجماع على ذلك جماعة من الأصحاب ويدل عليه الاخبار وان وجده وقد تلبس بالصلاة ولو بالتكبيرة أتم وفى هذه المسألة أقوال الأول ما ذكره المصنف واليه ذهب المفيد والشيخ في أحد قوليه وهو المنقول عن المرتضى في مسائل الخلاف وشرح الرسالة وابن البراج واختاره ابن إدريس والمحقق واليه ذهب أكثر المتأخرين ولا يخلو عن رجحان الثاني انه يرجع ما لم يركع فإذا ركع فليمض في صلاته واليه ذهب الصدوق والشيخ في النهاية وهو المنقول عن ابن أبي عقيل والجعفي والمرتضى في أحد قوليه ونقله المحقق عن ابن الجنيد أيضا الثالث يرجع ما لم يقرؤا واليه ذهب سلار الرابع وجوب القطع بعد الشروع مطلقا إذا غلب على ظنه سعة الوقت بقدر الطهارة والصلاة وعدم وجوب القطع وان لم يمكنه ذلك واستحباب القطع ما لم يركع ونقله الشهيد رحمه الله عن ابن حمزة وقال أيضا حكم ابن حمزة باستحباب القطع والقرض وضيق الوقت مشكل الخامس ما نقله الشهيد أيضا عن ابن الجنيد حيث قال وإذا وجد المتيمم الماء بعد دخوله في الصلاة قطع ما لم يركع الركعة الثانية فان ركعها مضى في صلاته فان وجده بعد الركعة الأولى وخاف من ضيق الوقت ان يخرج ان قطع رجوت ان يجزيه ان لا يقطع صلاته واما قبله فلابد من قطعها مع وجود الماء ومنشأ الاختلاف بين الأصحاب اختلاف الروايات فروى محمد بن حمران في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له رجل تيمم ثم دخل في الصلاة وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه ثم يؤتى بالماء حين يدخل في الصلاة قال يمضى في الصلاة واعلم أنه ليس ينبغي لاحد ان يتيمم الا في اخر الوقت وروى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت فان أصاب الماء وقد دخل في الصلاة قال فلينصرف فليتوضأ ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين وروى عبد الله بن عاصم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء فتيمم ويقوم في الصلاة فجاء الغلام فقال هو ذا الماء فقال إن كان لم يركع فلينصرف وليتوضأ وإن كان قد ركع فليمض في صلاته وهذه الرواية مروية في التهذيب عن عبد الله بن عاصم بثلاث طرق أنقاها ما رواه عن محمد بن علي بن محبوب عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن جعفر بن بشير عن عبد الله بن؟؟؟؟ وفى الحسن بن الحسين الكلام وان وثقه النجاشي لان الشيخ نقل عن ابن بابويه تضعيفه واما عبد الله بن عاصم فغير مذكور في كتب الرجال لكن يظهر مما سننقل من كلام المحقق توثيقه فأصحاب القول الأول احتجوا برواية ابن حمران ورجحوه على غيره وبقوله عليه السلام ان الشيطان ليأتي أحدكم فينفخ بين أليتيه فلا ينصرف أحدكم من الصلاة حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ولعله من طرق العامة وبان التيمم بدل من الماء عند الاعواز وقد تحقق متصلا بالمقصود وفى الأخيرين ضعف ولقوله تعالى لا تبطلوا أعمالكم وسيجيئ إن شاء الله في كتب الصلاة تحقيق معنى الآية وان الاستدلال بها في أمثال هذه المباحث لا يخلو عن اشكال واحتج المصنف أيضا بوجوه أخر لا تخلو عن ضعف قال المحقق في المعتبر فان احتج الشيخ بالروايات الدالة على الرجوع ما لم يركع فالجواب عنه ان أصلها عبد الله بن عاصم فهى في التحقيق رواية واحدة وتعارضها روايتنا فهى أرجح من وجوه أحدها ان محمد بن حمران أشهر في العدالة والعلم من عبد الله بن عاصم والأعدل مقدم الثاني انها أخف وأيسر واليسر مراد الله الثالث ان مع العمل بروايتنا يمكن العمل بروايته أيضا بان ينزلها على الاستحباب ومع العمل بروايته لا يمكن العمل بروايتنا فتكون روايتنا أرجح وكانه رحمه الله غفل عن رواية زرارة على أنه يستفاد من كلامه انحصار طريق الجمع في الحمل على الاستصحاب وليس كذلك إذ يجوز الجمع بحمل المطلق على المقيد وأصحاب القول الثاني احتجوا برواية زرارة وعبد الله بن عاصم وأجيب بان المراد بالدخول في الصلاة القرب منها أو الشروع في مقدماتها كالاذان وبقوله ما لم يركع ما لم يتلبس بالصلاة وبقوله وإن كان قد ركع فدخوله في الصلاة تسمية للكل باسم الجزء والكل خلاف الظاهر جدا نعم الحمل على الاستحباب وجه قريب في الجمع وقد يستدل عليه بالاخبار الدالة على اجزاء التيمم إلى أن يجد الماء وأجيب عنه بان ذلك دلالة مفهوم لا يصلح معارضا للمنطوق وقد يستدل أيضا بعموم أية الوضوء والغسل مع الوجدان ومفهوم أية التيمم المقيدة بعدم الوجدان وفيه ضعف لان المراد منها الامر بالطهارة حين إرادة القيام إلى الصلاة والمتبادر منها زمان قبل زمان الشروع وتحقيق المقام ان الجمع بين الأدلة مقدم على طرح بعضها وطريق الجمع هيهنا شيئان أحدهما ان تحمل خبر عبد الله بن عاصم وما في معناه على الاستحباب والثاني ان يقيد خبر محمد بن حمران الدال على الامضاء إذا حصل الماء بعد الركوع ويرجح الثاني على الأول بالأكثرية وكون زرارة اعدل واعلم على الظاهر واعتضاد ذلك بالاخبار الدالة على أن غاية اجزاء التيمم وجدان الماء واشتراك محمد بن سماعة ومحمد بن حمران في طريق الخبر الآخر بين الثقة وغيره ولكن الصواب ترجيح الأول لأن اطلاق الامر على الاستحباب أمر شائع في اخبارنا حتى توقف بعضهم في كون ذلك حقيقة أو مجازا فليس في الحمل عليه بعد وكان الكلام على حقيقة حينئذ وقوله عليه السلام في اخر الخبر فان التيمم أحد الطهورين لا يخلو عن تأييدنا لذلك واما تقييد خبر ابن حمران بما بعد الركوع فتأويل بعيد جدا إذ مثل هذا التعميم والاجمال في مقام البيان واستعلام الحكم لا يناسب داب الحكيم العارف باللسان وهو غير مانوس من أطوارهم عليهم السلام على أن قوله حين يدخل في الصلاة كالصريح في أن المراد أوائل الصلاة فالحمل على هذا المعنى البعيد في قوة الاطراح فلا يعارضه مرجحات الشق الآخر واما اشتراك محمد بن سماعة ومحمد بن حمران فغير قادح لان القول بان المراد بهما الثقة دون غيره لا يخلو من ترجيح ما ويؤيده ان هذه الرواية رواه بن أبي نصر عن محمد بن سماعة وقد صرح الشيخ في العدة بان ابن أبي نصر لا يروى الا عن الثقات وصرح المحقق بان ابن حمران راوي هذه الرواية ثقة كما مر فيما نقلناه من كلامه واما تأييد مفهوم الغاية الذي ذكره فضعيف لأنه لابد من تخصيصه إما بخبر زرارة أو بخبر ابن حمران غاية الأمر ان تخصيصه على الثاني أكثر ومجرد هذا مرجح ضعيف لا يقاوم ما ذكرنا والذي يؤيد ما ذكرناه ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم قال قلت في رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلى قال لا ولكنه يمضى في صلاته ولا ينقضها لمكان انه دخلها وهو على طهور بتيمم فان التعليل يقتضى وجوب المضي في الصلاة مع الدخول فيها مطلقا ولعل حجة ابن الجنيد ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن رجل صلى ركعة على تيمم ثم جاء رجل ومعه قربتان من ماء قال يقطع الصلاة ويتوضأ ثم يبنى على واحدة لكن في طريقه علي بن السندي وفيه ضعيف واما حجة سلار وابن حمزة فغير معلومة وينبغي التنبيه على أمور الأول ظاهر كلام المصنف ان المعتبر في المضي وعدم الرجوع الاتيان بتكبير وبه مصرح للشيخان وابن إدريس وكلام الشهيد في البيان انه لا يلتفت في الأثناء وهذا يدل على عدم الالتفات ولو كان وجدان الماء قبل اتمام التكبير وينطبق عليه الرواية الا ان يقال الدخول في الصلاة انما يتحقق باتمام التكبير وفيه تأمل الثاني قال في الذكرى حيث قلنا لا نرجع فهو للتحريم للنهي عن ابطال العمل ولحرمة الصلاة فلا يجوز انتهاكها وفيه نظر لأنه لو ثبت دليل دال بعمومه على تحريم ابطال العمل لكان مخصص بخبر زرارة وعبد الله بن عاصم فان أقل مراتبهما الحمل على الاستحباب كما ذكرنا نعم يصح هذا فيما بعد الركعة الأولى بعد اثبات تحريم ابطال الفريضة ثم قال وتفرد الفاضل بجواز العدول إلى النقل لان فيه الجمع بين صيانة الفريضة عن الأبطال وازاء الفريضة بأكمل الطهارتين والأصح المنع لان العدول إلى النقل ابطال للعمل قطعا والحمل على تأسي الاذان والجمعة قياس باطل ولأنه لو جاز العدول إلى النفل لجاز الأبطال بغير واسطة وهو لا يقول به انتهى كلامه والحكم بتسوية العدول والابطال بغير واسطة في التحريم يحتاج إلى دليل كما أن الحكم بجواز العدول أيضا لكونه حكما شرعيا يحتاج إلى الدليل وعلى كل تقدير لو ضاق الوقت حرم ذلك قطعا الثالث إذا حكمنا باتمام الصلاة مع وجود الماء إما لكونه قد تجاوز محل القطع أو قلنا بالاكتفاء بالشروع فهل يعيد التيمم لو فقد الماء بعد الصلاة أم لا قيل لا واختاره المحقق والمصنف في أحد قوليه والشهيدان وبعض المتأخرين محتجين بان المانع الشرعي كالمانع العقلي
(١٠٨)