بأنهما من وكيد السنن والمحافظة عليهما يقتضي تداركهما مع النسيان باستيناف الصلاة بعد الاتيان بهما لان النسيان محل العذر ومع الركوع يمضي في صلاته لأنه اتى بأعظم الأركان فلا يبطله ومع التعمد يكون قد دخل في الصلاة دخولا مشروعا غير مريد للفضيلة فلا يجوز له الابطال لقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم وبه يظهر الفرق بين العامد والناسي هذا كلامه أعلى الله مقامه وهو كما ترى وقوله انهما من وكيد السنن وان النسيان محل العذر ربما يدلان على عكس مراده ثم لا يخفى ان هذا الحديث انما دل على الاستيناف لمن نسي الأذان والإقامة معا لا لمن نسي الاذان وحده بل يلوح من الحديث الثامن عشر ان الاستيناف لاستدراك الإقامة حيث سكت فيه عن استدراك الاذان مع أن السؤال كان عن نسيانهما معا ولم أقف على حديث يدل على جواز القطع لتدارك الاذان وحده ولا على قائل بذلك من علمائنا القائلين باستحباب الاذان الا المحقق قدس الله روحه في الشرائع وشيخنا الشهيد الثاني في شرحه ولعل المحقق اطلع في بعض كتب الأصول التي لم تصل إلينا على ما يدل على ذلك لكن نقل فخر المحققين طاب ثراه في الايضاح الاجماع على عدم الرجوع إلى الاذان مع الاتيان بالإقامة وما تضمنه الحديث الثامن عشر من تحديد الاستيناف بالقراءة حمله بعض علمائنا على تأكد استحباب الاستيناف ما لم يقرء وهو لا ينافي ثبوت أصل الاستحباب ما لم يركع وما تضمنه من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله لعله إشارة إلى قطع الصلاة بذلك وسيجئ في الفصل الآتي فيمن نسي الإقامة انه يسلم على النبي صلى الله عليه وآله ثم يقيم ولعل المراد بالصلاة هنا السلام أو يجعل القطع بالصلاة من خصوصيات هذا الموضع كما قاله شيخنا في الذكرى وما دل عليه الحديث التاسع عشر من عدم مشروعية التثويب بين الأذان والإقامة يراد به الاتيان بالحيعلتين بينهما وقد أجمع علماؤنا على ترك التثويب سواء فسر بهذا أو بقول الصلاة خير من النوم وقد دل الحديث العشرون على عدم الاعتداد باذان المخالف وإقامته إذ المراد بالعارف (العارف) بهذا الامر وعلى ان من اذن وأقام لنفسه بنية الانفراد ثم أراد ان يصلي جماعة فإنه لا يجتزي بهما بل يعيدهما ورجح المحقق في المعتبر الاجتزاء بهما لاشتمال سند الحديث على جماعة من الفطحية وأيد ذلك بما رواه أبو مريم الأنصاري قال قد صلى بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا ازار ولا رداء ولا اذان ولا إقامة فلما انصرف قلت له عافاك الله صليت بنا في قميص بلا ازار ولا رداء ولا اذان ولا إقامة فقال إن قميصي كثيف فهو يجزي ان لا يكون ازار ولا رداء واني مررت بجعفر وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فأجزأني ذلك ثم قال رحمه الله وإذا اجتزأ باذان غيره مع الانفراد فبأذانه أولى هذا كلامه والظاهر أن مراده عليه السلام بجعفر في هذه الرواية الصادق عليه السلام وسواء كان هو أو غيره فليس فيها دلالة على أنه كان منفردا فلا يتم التقريب وأجاب شيخنا في الذكرى عن الطعن في الحديث بانجباره بالشهرة وتلقى الأصحاب له بالقبول وعن الاستدلال بالأولوية بان الاجتزاء باذان غيره لكونه صادف نية السامع للجماعة فكأنه اذن للجماعة بخلاف الناوي باذانه الانفراد هذا كلامه وهو غير بعيد وما دل الحديث الثالث والعشرون من أن من ذكر في أثناء الإقامة نسيان حرف من الاذان فليس عليه تداركه وان الإقامة تتدارك يعطي ان اهتمام الشارع بشأن الإقامة أشد فقد روى أنها من الصلاة ولهذا ذهب جماعة من علمائنا إلى اشتراطها بالطهارة والقبلة والقيام والمراد بالحرف في هذا الحديث أحد فصول الاذان لما روى عن الباقر عليه السلام ان الاذان ثمانية
(٢٠٨)