قال الحافظ في رواية شعيب ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل وفي رواية إبراهيم بن سعد ولا يكلمه إلا الأنبياء ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم ووقع في رواية العلا وقولهم اللهم سلم سلم وللترمذي من حديث المغيرة شعار المؤمنين على الصراط رب سلم سلم والضمير في الأول للرسل ولا يلزم من كون هذا الكلام شعار المؤمنين أن ينطقوا به بل تنطق به الرسل يدعون للمؤمنين بالسلامة فسمى ذلك شعارا لهم فهذا تجتمع الأخبار ويؤيده قوله في رواية سهيل فعند ذلك حلت الشفاعة اللهم سلم سلم انتهى (ثم يطرح فيها فوج) أي من أهل النار (فتقول هل من مزيد) أي من زيادة (حتى إذا أوعبوا فيها) من الإيعاب وهو الاستقصاء في كل شئ (وضع الرحمن قدمه فيها) وفي رواية لمسلم رجله قال القاري مذهب السلف التسليم والتفويض مع التنزيه وأرباب التأويل من الخلف يقولون المراد بالقدم قدم بعض مخلوقاته فيعود الضمير في قدمه إلى ذلك المخلوق المعلوم أو قوم قدمهم الله للنار من أهلها وتقدم في سابق حكمه أنهم لاحقوها فتمتلئ منهم جهنم والعرب تقول كل شئ قدمته من خير أو شر فهو قدم ومنه قوله تعالى أن لهم قدم صدق عند ربهم أي ما قدموه من الأعمال الصالحة الدالة على صدقهم في تصديقهم والمراد بالرجل الجماعة من الجراد وهو وإن كان موضوعا لجماعة كثيرة من الجراد لكن استعارته لجماعة الناس غير بعيد أو أخطأ الراوي في نقله الحديث بالمعنى وظن أن الرجل سد مسد القدم هذا وقد قبل وضع القدم على الشئ مثل للردع والقمع فكأنه قال يأتيها أمر الله فيكفها من طلب المزيد وقيل أريد به تسكين فورتها كما يقال للأمر يراد إبطاله وضعته تحت قدمي ذكره في النهاية وفي شرح السنة القدم والرجل المذكوران في هذا الحديث من صفات الله المنزهة عن التكييف والتشبيه وكذلك كل ما جاء من هذا القبيل في الكتاب أو السنة كاليد والأصبع والعين والمجئ والإتيان والنزول فالإيمان بها فرض والامتناع عن الخوض فيها واجب فالمهتدي من سلك فيها طريق التسليم والخائض فيها زائغ والمنكر معطل والمكيف مشبه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ليس كمثله شئ وهو السميع البصير انتهى قال القاري وهو الموافق لمذهب الامام مالك رحمه الله ولطريق إمامنا الأعظم على ما أشار إليه في الفقه الأكبر فالتسليم أسلم والله تعالى أعلم انتهى
(٢٣٣)