يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك قال ابن العربي إنما استعاذوا منه أولا لأنهم اعتقدوا أن ذلك الكلام استدراج لأن الله لا يأمر بالفحشاء ومن الفحشاء اتباع الباطل وأهله ولهذا وقع في الصحيح فيأتيهم الله في صور أي بصورة لا يعرفونها وهي الأمر باتباع أهل الباطل فلذلك يقولون إذا جاء ربنا عرفناه أي إذا جاءنا بما عهدناه منه من قول الحق (ثم يتوارى) أي يستتر (وهل تضارون) قال النووي روى تضارون بتشديد الراء وتخفيفها والتاء مضمومة فيهما ومعنى المشدد هل تضارون غيركم في حالة الرؤية بزحمة أو مخالفة في الرؤية أو غيرها لخفائة كما تفعلون أول ليلة من الشهر ومعنى المخفف هل يلحقكم في رؤيته ضير وهو الضرر وقال الحافظ بضم أوله بالضاد المعجمة وتشديد الراء بصيغة المفاعلة من الضرر وأصله تضاررون بكسر الراء وبفتحها أي لا تضرون أحدا ولا يضركم بمنازعة ولا مجادلة ولا مضايقة وجاء تخفيف الراء من الضير وهو لغة في الضر أي لا يخالف بعض بعضا فيكذبه وينازعه فيضيره بذلك يقال ضاره يضيره (ثم يطلع فيعرفهم نفسه) أي يلقي في قلوبهم علما قطعيا يعرفون به أنه ربهم سبحانه وتعالى (أنا ربكم فاتبعوني) وعند الشيخين أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه قال النووي معناه يتبعون أمره إياهم بذهابهم إلى الجنة أو يتبعون ملائكته الذين يذهبون بهم إلى الجنة (ويوضع الصراط) وعند مسلم ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم (فيمر عليه) أي فيمر المسلمون على الصراط (مثل جياد الخيل) قال في القاموس فرس جواد بين الجودة بالضم رائع والجمع جياد وقد جاد في عدوه جودة انتهى وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف (والركاب) بكسر الراء عطف على الخيل والمراد بها الإبل ولا واحد له من لفظه (وقولهم) أي قول المرسل والأنبياء (عليه) أي على الصراط (سلم سلم) أمر مخاطب أي يقول كل نبي اللهم سلم أمتي من ضرر الصراط اللهم اجعلهم سالمين من آفاته آمنين من مخافاته وتكراره مرتين المراد به الكثرة أو باعتبار كل واحد من أهل الشفاعة أو للإلحاح في الدعاء كما هو من آدابه وفي رواية البخاري ودعاء الرسل يومئذ اللهم سلم سلم
(٢٣٢)