ويظهر عليه ذلك مع المراقبة والفكر والإقبال على الآخرة فإذا خرج اشتغل بالزوجة والأولاد ومعاش الدنيا وأصل النفاق إظهار ما يكتم خلافه من الشر فخاف أن يكون ذلك نفاقا فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس بنفاق وأنهم لا يكلفون الدوام على ذلك بل ساعة ساعة أي ساعة كذا وساعة كذا (ونسينا كثيرا) قال الطيبي رحمه الله أي كثير مما ذكرتنا به أو نسيانا كثيرا كأنا ما سمعنا منك شيئا قط وهذا أنسب بقوله رأى عين (لو تدومون) أي في حال غيبتكم مني (على الحال التي تقومون بها من عندي) أي من صفاء القلب والخوف من الله تعالى لصافحتكم الملائكة قيل أي علانية وإلا فكون الملائكة يصافحون أهل الذكر حاصل وقال ابن حجر أي عيانا في سائر الأحوال (في مجالسكم وعلى فرشكم وفي طرقكم) قال الطيبي المراد الدوام (ولكن يا حنظلة ساعة وساعة) أي ساعة كذا وساعة كذا يعني لا يكون الرجل منافقا بأن يكون في وقت على الحضور وفي وقت على الفتور ففي ساعة الحضور تؤدون حقوق ربكم وفي ساعة الفتور تقضون حظوظ أنفسكم قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم قوله (لا يؤمن أحدكم) أي إيمانا كاملا (حتى يحب لأخيه) أي المسلم (ما يحب لنفسه) أي مثل جميع ما يحبه لنفسه قال النووي قال العلماء معناه لا يؤمن الإيمان التام وإلا فأصل الإيمان يحصل إن لم يكن بهذه الصفة والمراد يحب لأخيه من الطاعات والأشياء المباحات ويدل عليه ما جاء في رواية النسائي في هذا الحديث حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح رحمه الله وهذا قد يعد من الصعب الممتنع وليس كذلك إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الاسلام مثل ما يحب لنفسه والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة
(١٨٤)