قال ثم مات مروان ودعا عبد الملك لنفسه وقام فأجابه أهل الشام فخطب على المنبر وقال من لابن الزبير منكم فقال الحجاج أنا يا أمير المؤمنين فأسكته ثم عاد فأسكته ثم عاد فقال أنا يا أمير المؤمنين فاني رأيت في النوم اني انتزعت جبته فلبستها فعقد له في الجيش إلى مكة حتى قدمها (1) على ابن الزبير فقاتله بها فقال ابن الزبير لأهل مكة احفظوا هذين الجبلين فإنكم لن تزالوا بخير أعزة ما لم يظهروا عليهما فلم يلبسوا أن ظهر الحجاج ومن معه علي أبي قيس ونصب عليه المنجنيق فكان يرمى به ابن الزبير ومن معه في المسجد فلما كانت الغداة التي قتل فيها ابن الزبير دخل ابن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر وهي يومئذ ابنة مائة سنة لم يسقط لها سن ولم يفقد لها بصر فقالت لابنها يا عبد الله ما فعلت في حزبك قال بلغوا مكان كذا وكذا قال وضحك ابن الزبير فقال إن في الموت لراحة قالت يا بني لعلك تتمناه لي ما أحب أن أموت حتى آتي على أحد طرفيك اما أن تملك فتقر بذلك عيني وإما أن تقتل فأحتسبك قال ثم ودعها قالت له يا بني إياك أن تعطي خصلة من دينك مخافة القتل وخرج عنها ودخل المسجد وقد جعل مصراعين على الحجر الأسود يتقى بهما أن يصيبه المنجنيق وأتى ابن الزبير آت وهو جالس عند الحجر الأسود فقال ألا تفتح لك باب الكعبة فتصعد فيها فنظر إليه عبد الله ثم قال له من كل شئ تحفظ أخاك إلا من نفسه يعني أجله وهل للكعبة حومة ليست لهذا المكان والله لو وجدوكم متعلقين بأستار الكعبة لقتلوكم فقيل له ألا تكلمهم في الصلح قال أو حين صلح هذا والله لو وجدوكم فيها لذبحوكم جميعا وأنشد يقول.
ولست بمبتاع الحياة بسبة * ولا مرتق من خشية الموت سلما أنافس سهما إنه غير بارح * ملاقي المنايا أي حرف تيمما ثم أقبل على آل الزبير يعظهم ويقول ليكن أحدكم سيفه كما يكن وجهه لا ينكسر فيذع عن نفسه بيده كأنه امرأة والله ما لقيت زحفا قط إلا في الرعيل الأول ولا ألمت جرحا قط إلا أن ألم الدواء قال فبينما هم كذلك إذ دخل عليهم