لم يذكرها، وهذا سائر كثير في القرآن وفي كلام العرب وأشعارها أن يكنوا عن الاسم، من ذلك قول الله تعالى: ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة [سورة 35، آية 45] وفي موضع آخر: ما ترك عليها من دابة [سورة 16، آية 61] فمعناه عند الناس الأرض وهو لم يذكرها، وكذلك قوله تعالى: إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب [سورة 38 آية 32] يفسرون أنه أراد الشمس فأضمرها، وقد يقول القائل: ما بها أعلم من فلان، يعني القرية والمدينة والبلدة ونحو ذلك، وقال حاتم طئ [الطويل]:
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر أراد النفس فأضمرها.
وإنما اخترت هذا التفسير على الأول لحديث عن علي نفسه هو عندي مفسر له ولنا وذلك أنه ذكر ذا القرنين فقال:
دعا قومه إلى عبادة الله فضربوه على قرنيه ضربتين، وفيكم مثله، فنرى أنه أراد بقوله هذا نفسه يعني أني أدعو إلى الحق حتى أضرب على رأسي ضربتين يكون فيهما قتلي).
وقال الزمخشري في الفائق في قرن (ج 2، ص 327):
(قال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي رضي الله تعالى عنه: إن لك بيتا في الجنة وإنك لذو قرنيها، الضمير للأمة وتفسيره فيما يروى عن علي رضي الله تعالى عنه أنه ذكر ذا القرنين فقال: دعا قومه إلى عبادة الله فضربوه على قرنيه ضربتين، وفيكم مثله، يعني نفسه الطاهرة لأنه ضرب على رأسه ضربتين، إحداهما يوم الخندق، والثانية ضربة ابن ملجم).
وقال ابن الأثير في النهاية في (ق ر ن) ما نصه:
(س ه): وفيه: أنه قال لعلي: إن لك بيتا في الجنة وإنك ذو قرنيها، أي طرفي الجنة وجانبيها، قال أبو عبيد: وأنا أحسب أنه أراد أنه ذو قرني الأمة فأضمر،