فسلم عليه ابن جعفر وأخبره بحسن صنيع المرأة فقال: والله ما رأيت ذلك بتمامه فلم يزل يكلمه ويسأله والأعرابي يأبى إلا رد الدراهم، فلما رأى عبد الله منه الجد قال له: أنظر في أمرك وما نحب أن يرجع إلينا شئ قد أمضيناه فتنحى الأعرابي من بين يديه فصلى ركعتين ثم قام فركب فرسه وأخرج قوسه ونبله، فقال له عبد الله:
ما هاتان الركعتان؟ - قال: استخرت فيهما ربي عز وجل في محاربتكم فقال: على ما عزم لك من ذلك؟ - قال، عزم لي رشدا أو ترجعون أحجاركم وتسلمون لنا معروفنا؟ - فقال عبد الله: نفعل، فأمر بالدنانير فقبضت فولى الأعرابي منصرفا، فقال له عبد الله:
ألا نزودك طعاما؟ - فقال: الحي قريب، فهل من حاجة؟ - قال: نعم، قال: وما هي؟ - قال: المرأة [لا] تحرها بسوء فعلك، فاستضحك الأعرابي وولى منصرفا.
ثم إن عبد الله حكى ليزيد تلك القصة فقال يزيد: ما سمعت بأعجب من هذا).
وقال أيضا (في ص 333):
(وكان الحسين يقول: علمنا ابن جعفر السخاء).
وفيها أيضا:
(وعاتبه بعض أصحابه على السخاء فقال: يا هؤلاء إني عودت الله عادة وعودني عادة وإني أخاف أن قطعتها قطعني).
أقول: قصص جود عبد الله بن جعفر وكرمه وسخائه أكثر من أن تحصى، والكتب الموضوعة لذكر الأجواد والكرماء والأسخياء قد كفتنا مؤونة الخوض فيها وإنما ذكرنا شيئا منها هنا لنتبرك بذكرها في هذه التعليقات.
التعليقة 13 (ص 68) تحقيق حول كلمة (ينبع) في النهاية: (ينبع بفتح الياء وسكون النون وضم الباء الموحدة قرية كبيرة