جالس فعرف العجوز وهي له منكرة فبعث غلامه فردها وقال لها: يا أمة الله تعرفينني؟
- فقالت: لا، قال: أنا ضيفك يوم كذا وكذا، فقالت العجوز: بأبي أنت وأمي فأمر الحسن عليه السلام فاشتري لها من شاء الصدقة ألف شاة وأمر لها بألف دينار، وبعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين عليه السلام فقال: بكم وصلك أخي الحسن؟ - فقالت: بألف - شاة وألف دينار، فأمر لها بمثل ذلك، ثم بعث بها مع غلامه إلى عبد الله بن جعفر، فقال: بكم وصلك الحسن والحسين عليهما السلام؟ - فقالت بألفي دينار وألفي شاة فأمر لها عبد الله بألفي شاة وألفي دينار وقال: لو بدأت بي لأتعبتهما فرجعت العجوز إلى زوجها بذلك.
قلت: هذه القصة مشهورة وفي دواوين جودهم مسطورة وعنهم عليهم السلام مأثورة، وكنت نقلتها على غير هذه الرواية وأنه كان معهم رجل آخر من أهل المدينة وأنها أتت عبد الله بن جعفر فقال: ابدأ بسيدي الحسن والحسين فأتت الحسن فأمر لها بمائة بعير وأعطاها الحسين ألف شاة فعادت إلى عبد الله فسألها فأخبرته فقال: كفاني سيداي أمر الإبل والشاة وأمر لها بمائة ألف درهم وقصدت المدني الذي كان معهم فقال لها: أنا لا أجاري أولئك الأجواد في مدى ولا أبلغ عشر عشيرهم في الندى ولكن أعطيك شيئا من دقيق وزبيب فأخذت وانصرفت).
وفي تاريخ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن جعفر (ج 7، ص 335):
(خرج حسين بن علي وعبد الله بن جعفر وسعيد بن العاص في حج أو عمرة فلما قفلوا اشتاقوا إلى المدينة فركبوا صدور رواحلهم بأبدانهم وخلفوا أثقالهم وكان ذلك في الشتاء فلما بلغوا المنجنين قرب الليل أصابهم مطر واشتد عليهم البرد فاحتاجوا إلى مبيت وكن فنظروا إلى نار تلوح لهم عن ناحية من الطريق فأموها فإذا هي نار لإنسان من مزينة فسألوه المبيت والقرى فأنزلهم وأدخلهم خباءه وحجز بينهم وبين امرأته وصبيانه بكساء ثم قام إلى شاة فذبحها وسلخها ثم قربها إليهم وأضرم لهم نارا عظيمة فباتوا عليها، فدخل على امرأته وهو يظن أنهم قد ناموا فقالت له: ويحك ما صنعت بأصبيتك فجعتهم بشويهتهم لم يكن لهم غيرها يصيبون من لبنها لقوم مروا بك كسحابة فرغت ما فيها ثم استقلت لا خير عندهم، فقال لها: ويحك والله لقد رأيت أوجها