فلم يفتأ شيخ الطائفة إمام عصره، وعزيز مصره، مرقوما إليه بالعظمة، مقصودا لحل المشكلات، حتى غادر بغداد من أجل القلاقل الواقعة فيها من جراء الفتن بين الشيعة وأهل السنة التي أحرقت فيها داره وكتبه ما كان له من كرسي الإفادة والتدريس.
ولم تزل هذه الفتن تنجم وتخبو في الفينة بعد الفينة حتى غادرها إلى النجف الأشرف سنة 448 بعد وفاة أستاذه المرتضى باثني عشر سنه، ومكث في النجف مثلها من الأعوام.
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر هنا لك أسس حول المرقد العلوي الطاهر حوزة العلم والعمل، فانبثقت عليه الأنوار العلوية، وازدهرت رياضها، وأينعت ثمارها، وجرت أنهارها، وزغردت أطيارها فكانت ربوع وادي الغري تشع بمظاهر الكمال، وتشرق عليها ذكا الفضائل، وتترنح بين فجاجها فطاحل الرجال.
من تلق منهم تلق كهلا أو فتى * علم الهدى بحر الندى المورودا * * * من تلق منهم تلقه * كنز ذكا ومعرفة طهاة علم ولهم * في كل قدر مغرفة