ممن له عذر يسقط عنه الرجوع أو لا لأن الدم لم يستقر عليه لكونه في حكم الحاضر. (فإن لم يمكنه الرجوع) لعذر مما تقدم أو لغيره، (أو أمكنه) الرجوع للوداع (ولم يرجع، أو بعد مسافة قصر) عن مكة (فعليه. دم رجع) إلى مكة وطاف للوداع أو لا. لأنه قد استقر عليه ببلوغه مسافة القصر. فلم يسقط برجوعه كمن تجاوز الميقات بغير إحرام. ثم أحرم ثم رجع إلى الميقات. (وسواء تركه) أي طواف الوداع (عمدا أو خطأ أو نسيانا) لعذر أو غيره.
لأنه من واجبات الحج، فاستوى عمده وخطؤه والمعذور وغيره كسائر واجبات الحج.
(ومتى رجع مع القرب لم يلزمه إحرام) لأنه في حكم الحاضر. (ويلزمه مع البعد الاحرام بعمرة يأتي بها) فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر. (ثم يطوف للوداع) إذا فرغ من أموره. (وإن أخر طواف الزيارة)، ونصه (أو القدوم. فطافه عند الخروج. كفاه) ذلك الطواف (عنهما) لان المأمور به أن يكون آخر عهده بالبيت الطواف. وقد فعل، ولان ما شرع مثل تحية المسجد يجزئ عنه الواجب من جنسه، كإجزاء المكتوبة عن تحية المسجد. وكإجزاء المكتوبة أيضا عن ركعتي الطواف، وعن ركعتي الاحرام. فإن نوى بطوافه الوداع لم يجزئه عن طواف الزيارة. لقوله (ص): وإنما لكل امرئ ما نوى (ولا وداع على حائض ونفساء) لحديث ابن عباس: إلا أنه خفف عن الحائض والنفساء في معناها. (ولا فدية) على الحائض أو النفساء، لظاهر حديث صفية. فإنه (ص) لم يأمرها بفدية. (إلا أن تطهر قبل مفارقة البنيان فترجع وتغتسل) للحيض أو النفاس. (وتودع) لأنها في حكم الحاضرة (فإن لم تفعل) أي ترجع للوداع مع طهرها قبل مفارقة البنيان. (ولو لعذر، فعليها دم) لتركها نسكا واجبا. (فإذا فرغ من الوداع واستلم الحجر وقبله. وقف في الملتزم) وهو (ما بين) الركن الذي به (الحجر الأسود وباب الكعبة) وذرعه أربعة أذرع، (فيلتزمه) أي الملتزم (ملصقا به صدره ووجهه وبطنه، ويبسط يديه عليه. ويجعل يمينه نحو الباب ويساره نحو الحجر). لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه قال: طفت مع عبد الله فلما جاء دبر الكعبة قلت: ألا تتعوذ؟ قال: نعوذ بالله من النار. ثم استلم الحجر. فقام بين الركن والباب، فوضع صدره وذراعيه وكفيه هكذا، وبسطهما بسطا. وقال: هكذا رأيت النبي (ص)