ولم تذكر طوافا آخر. ولو كان هذا الذي ذكرته طواف القدوم لكانت قد أخلت بذكر طواف الزيارة الذي هو ركن الحج. لا يتم إلا به. وذكرت ما يستغنى عنه. وعلى كل حال، فما ذكرت إلا طوافا واحدا. فمن أين يستدل به على طوافين؟. (قال) أبو الفرج عبد الرحمن زين الدين (ابن رجب: وهو الأصح، ثم يطوف للزيارة) سمي بذلك لأنه يأتي من منى فيزور البيت. ولا يقيم بمكة. بل يرجع إلى منى. (ويسمى الإفاضة) لأنه يفعل بعدها (و) يسمى (الصدر) بفتح الصاد والدال المهملة. وهو رجوع المسافر من مقصده، لأنه يفعل بعده أيضا. وما ذكره من أنه يسمى طواف الصدر. قاله في المطلع والرعاية والمستوعب.
وقدمه الزركشي. وصحح في الانصاف أن طواف الصدر: هو طواف الوداع. وتبعه في المنتهى. (ويعينه) أي طواف الزيارة (بنيته) لحديث: إنما الأعمال بالنيات وكالصلاة ويكون (بعد وقوفه بعرفة) لأنه (ص) طاف كذلك وقال: لتأخذوا عني مناسككم. (وهو الطواف الواجب الذي به تمام الحج) فهو ركن من أركانه إجماعا. قاله ابن عبد البر، لقوله تعالى: * (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) *.
وعن عائشة قالت: حججنا مع رسول الله (ص) فأفضنا يوم النحر فحاضت صفية.
فأراد النبي (ص) منها ما يريد الرجل من أهله. فقلت: يا رسول الله إنها حائض. قال: أحابستنا هي؟ قالوا: يا رسول الله إنها قد أفاضت يوم النحر. قال: اخرجوا متفق عليه. فعلم منه أنها لو لم تكن أفاضت يوم النحر كانت حابستهم. فيكون الطواف حابسا لمن لم يأت به.
(فإن رجع إلى بلده قبله) أي قبل طواف الزيارة (رجع منها) أي من بلده (محرما) أي باقيا على إحرامه بمعنى بقاء تحريم النساء عليه، لا الطيب، ولبس المخيط ونحوه. لحصول التحلل الأول إن كان رمى وحلق. (فطافه) أي طواف الإفاضة. وحل بعده. وتقدم حكم ما لو وطئ وحل. ويحرم بعمرة إذا وصل الميقات، فإذا حل منها طاف للإفاضة. (ولا يجزئ عنه) أي عن طواف الإفاضة (غيره) من طواف الوداع أو غيره. لحديث: وإنما لكل امرئ