على إتلاف مال الغير أو أكله أو تسليم الوديعة فإنه يضمن الجميع، وما لو أكره مجوسي مسلما على ذبح شاة أو محرم حلالا على ذبح صيد فذبحه فإنه يحل، وما لو أكرهه على غسل ميت لم يتوجه عليه غسله فإنه يصح، وما لو أكره على وطئ زوجته أو أمته فأحبلها فإنه يصح ويستقر للزوجة به المهر وللأمة أمية الولد وحلت الزوجة للمطلق ثلاثا، وما لو حضر المحرم عرفة مكرها فإنه يصح وقوفه. أما الاكراه بحق فيصح إقامة لرضا الشرع مقام رضاه، وصوره في الروضة بمن توجه عليه دين وامتنع من الوقاء والبيع، فإن شاء القاضي باع ماله بغير إذنه لوفاء دينه، وإن شاء عزره وحبسه إلى أن يبيعه. قال السبكي: وكان بعض مشايخنا يصوره بمن أمر عبده بالبيع فامتنع فأكرهه فإنه يصح لأنه من الاستخدام الواجب. وصور بعضهم بما إذا أسلم عبد لكافر محجور عليه فإن الحاكم يجبر الولي على بيعه. قال الأسنوي: ومن صوره: ما إذا أذن شخص لعبد غيره في بيع ماله، قال: فللسيد إكراهه على بيعه. ويصح بيع المصادر - بفتح الدال - من جهة ظالم، بأن باع ماله لدفع الأذى الذي ناله لأنه لا إكراه فيه، إذ مقصود من صادر تحصيل المال من أي وجه كان.
فروع: لو أتلف الصبي أو تلف عنده ما ابتاع أو ما اقترض من رشيد وأقبضه له لم يضمن، لأن المقبض هو المضيع لماله. هذا في الظاهر، أما في الباطن فيغرم بعد البلوغ كما نص عليه في الام في باب الاقرار. أو من صبي مثله ولم يأذن الوليان ضمن كل منهما ما قبض من الآخر، وإن كان ذلك بإذن الوليين فالضمان عليهما فقط لوجود التسليط منهما، وعلى البائع للصبي رد الثمن إلى وليه، فلو رده إلى الصبي ولو بإذن الولي وهو ملك الصبي لم يبرأ منه أو للولي برئ منه. ومحل عدم الابراء بالدفع للصبي بإذن وليه كما قال الزركشي ما إذا لم يكن في مصلحة تتعلق ببدنه من مأكل ومشرب ونحوهما وإلا برئ. ولو قال شخص لآخر له عنده وديعة سلم وديعتي إلى الصبي أو ألقها في البحر ففعل برئ لأنه امتثل أمره في حقه المتعين، بخلاف ما لو قال ذلك لمن له عليه دين فإنه لا يبرأ لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح. ولو أعطى صبي دينارا لنقاد ينقده أو متاعا لمقوم يقومه ضمن من أخذه إن لم يرده لوليه إن كان للصبي، أو لمالكه إن كان لغيره.
ولو أوصل صبي هدية إلى غيره وقال هي من زيد مثلا أو أخبر بالاذن بالدخول عمل بخبره مع ما يفيد العلم أو الظن من قرينة أو من قوله لاعتماد السلف عليه في ذلك حينئذ، وكالصبي في ذلك الفاسق كما نقله في المجموع عن الأصحاب. (ولا يصح شراء الكافر) ولو مرتدا لنفسه أو لمثله، (المصحف) كله أو بعضه، ولا يتملكه بسلم ولا بهبة ولا وصية ولا كتب حديث ولا آثار سلف ولا كتب فقه فيها شئ من الثلاثة لما في ذلك من الإهانة لها. قال الأذرعي في القوت: والمراد بآثار السلف حكايات الصالحين لما في ذلك من الإهانة والاستهزاء بهم. قال السبكي: والأحسن أن يقال كتب علم وإن خلت عن الآثار تعظيما للعلم الشرعي اه. وهذا لا بأس به. قال ابنه: وتعليله يفيد جواز تملكه كتب علوم غير شرعية، وينبغي منعه من تملك ما يتعلق منها بالشرع ككتب النحو واللغة. قال شيخنا: وفيما قاله نظر، أي بل الظاهر الجواز وهو كذلك. ولو نسخ الكافر مصحفا، أو أي شئ مما ذكر من كتب الحديث أمر بإزالة الملك عنه. قال ابن عبد السلام: ولا يمكن الكافر من تجليد المصحف اه. ولا يسلم إليه ولو رجا إسلامه بخلاف تمكينه من القراءة لما في تمكينه من الإهانة اه. وقعت البلوى بتملك أهل الذمة الدراهم والدنانير وعليها الآيات من القرآن، وينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف. قال بعض المتأخرين: وكأنه سومح في ذلك للحاجة. (و) لا يصح شراء الكافر العبد (المسلم) لنفسه ولا لمثله لما فيه من إذلال المسلم، ولقوله تعالى: * (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) *. وقوله:
(في الأظهر) ظاهره أنه راجع للمسألتين، وهو صحيح في شراء المسلم، وأما في المصحف فلا، بل الأصح فيه وفيما ذكر معه في الشرحين والروضة والتهذيب القطع بالبطلان. وفرق الشافعي في الام برجاء العتق، والرافعي بأن العبد يمكنه الاستغاثة ودفع الذل عن نفسه، ومقابله يصح ذلك ويؤمر بإزالة الملك. أما لو اشترى ما ذكر الكافر لمسلم فإنه يصح لانتفاء المحذور، ويفارق منع إنابة المسلم كافرا في قبول نكاح مسلمة باختصاص النكاح بالتعبد لحرمة الابضاع، وبأن