مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٨
على إتلاف مال الغير أو أكله أو تسليم الوديعة فإنه يضمن الجميع، وما لو أكره مجوسي مسلما على ذبح شاة أو محرم حلالا على ذبح صيد فذبحه فإنه يحل، وما لو أكرهه على غسل ميت لم يتوجه عليه غسله فإنه يصح، وما لو أكره على وطئ زوجته أو أمته فأحبلها فإنه يصح ويستقر للزوجة به المهر وللأمة أمية الولد وحلت الزوجة للمطلق ثلاثا، وما لو حضر المحرم عرفة مكرها فإنه يصح وقوفه. أما الاكراه بحق فيصح إقامة لرضا الشرع مقام رضاه، وصوره في الروضة بمن توجه عليه دين وامتنع من الوقاء والبيع، فإن شاء القاضي باع ماله بغير إذنه لوفاء دينه، وإن شاء عزره وحبسه إلى أن يبيعه. قال السبكي: وكان بعض مشايخنا يصوره بمن أمر عبده بالبيع فامتنع فأكرهه فإنه يصح لأنه من الاستخدام الواجب. وصور بعضهم بما إذا أسلم عبد لكافر محجور عليه فإن الحاكم يجبر الولي على بيعه. قال الأسنوي: ومن صوره: ما إذا أذن شخص لعبد غيره في بيع ماله، قال: فللسيد إكراهه على بيعه. ويصح بيع المصادر - بفتح الدال - من جهة ظالم، بأن باع ماله لدفع الأذى الذي ناله لأنه لا إكراه فيه، إذ مقصود من صادر تحصيل المال من أي وجه كان.
فروع: لو أتلف الصبي أو تلف عنده ما ابتاع أو ما اقترض من رشيد وأقبضه له لم يضمن، لأن المقبض هو المضيع لماله. هذا في الظاهر، أما في الباطن فيغرم بعد البلوغ كما نص عليه في الام في باب الاقرار. أو من صبي مثله ولم يأذن الوليان ضمن كل منهما ما قبض من الآخر، وإن كان ذلك بإذن الوليين فالضمان عليهما فقط لوجود التسليط منهما، وعلى البائع للصبي رد الثمن إلى وليه، فلو رده إلى الصبي ولو بإذن الولي وهو ملك الصبي لم يبرأ منه أو للولي برئ منه. ومحل عدم الابراء بالدفع للصبي بإذن وليه كما قال الزركشي ما إذا لم يكن في مصلحة تتعلق ببدنه من مأكل ومشرب ونحوهما وإلا برئ. ولو قال شخص لآخر له عنده وديعة سلم وديعتي إلى الصبي أو ألقها في البحر ففعل برئ لأنه امتثل أمره في حقه المتعين، بخلاف ما لو قال ذلك لمن له عليه دين فإنه لا يبرأ لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح. ولو أعطى صبي دينارا لنقاد ينقده أو متاعا لمقوم يقومه ضمن من أخذه إن لم يرده لوليه إن كان للصبي، أو لمالكه إن كان لغيره.
ولو أوصل صبي هدية إلى غيره وقال هي من زيد مثلا أو أخبر بالاذن بالدخول عمل بخبره مع ما يفيد العلم أو الظن من قرينة أو من قوله لاعتماد السلف عليه في ذلك حينئذ، وكالصبي في ذلك الفاسق كما نقله في المجموع عن الأصحاب. (ولا يصح شراء الكافر) ولو مرتدا لنفسه أو لمثله، (المصحف) كله أو بعضه، ولا يتملكه بسلم ولا بهبة ولا وصية ولا كتب حديث ولا آثار سلف ولا كتب فقه فيها شئ من الثلاثة لما في ذلك من الإهانة لها. قال الأذرعي في القوت: والمراد بآثار السلف حكايات الصالحين لما في ذلك من الإهانة والاستهزاء بهم. قال السبكي: والأحسن أن يقال كتب علم وإن خلت عن الآثار تعظيما للعلم الشرعي اه‍. وهذا لا بأس به. قال ابنه: وتعليله يفيد جواز تملكه كتب علوم غير شرعية، وينبغي منعه من تملك ما يتعلق منها بالشرع ككتب النحو واللغة. قال شيخنا: وفيما قاله نظر، أي بل الظاهر الجواز وهو كذلك. ولو نسخ الكافر مصحفا، أو أي شئ مما ذكر من كتب الحديث أمر بإزالة الملك عنه. قال ابن عبد السلام: ولا يمكن الكافر من تجليد المصحف اه‍. ولا يسلم إليه ولو رجا إسلامه بخلاف تمكينه من القراءة لما في تمكينه من الإهانة اه‍. وقعت البلوى بتملك أهل الذمة الدراهم والدنانير وعليها الآيات من القرآن، وينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف. قال بعض المتأخرين: وكأنه سومح في ذلك للحاجة. (و) لا يصح شراء الكافر العبد (المسلم) لنفسه ولا لمثله لما فيه من إذلال المسلم، ولقوله تعالى: * (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) *. وقوله:
(في الأظهر) ظاهره أنه راجع للمسألتين، وهو صحيح في شراء المسلم، وأما في المصحف فلا، بل الأصح فيه وفيما ذكر معه في الشرحين والروضة والتهذيب القطع بالبطلان. وفرق الشافعي في الام برجاء العتق، والرافعي بأن العبد يمكنه الاستغاثة ودفع الذل عن نفسه، ومقابله يصح ذلك ويؤمر بإزالة الملك. أما لو اشترى ما ذكر الكافر لمسلم فإنه يصح لانتفاء المحذور، ويفارق منع إنابة المسلم كافرا في قبول نكاح مسلمة باختصاص النكاح بالتعبد لحرمة الابضاع، وبأن
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429