كلام الشيخين هنا، لكن ذكرا في التوكيل في النكاح أنه لو قال وكيل الزوج أولا: قبلت نكاح فلانة منك لفلان فقال وكيل الولي: زوجتها فلانا جاز، وقياسه أنه لو قال: قبلت بيع هذا منك بكذا لموكلي أو لنفسي، فقال: بعتك أنه يصح، وهو ظاهر لأن النكاح يحتاط فيه ما لا يحتاط في البيع. (ولو قال) شخص لآخر بصيغة الامر: (بعني) كذا بكذا (فقال بعتك انعقد) البيع (في الأظهر) لدلالة بعني على الرضا، والثاني: لا ينعقد إلا إذا قال المشتري بعد ذلك اشتريت أو قبلت لأنه قد يقول بعني لاستبانة الرغبة، ولو قال: اشتر مني فقال: اشتريت، فكما قال بعني فقال بعتك، قاله البغوي وصححه في المجموع وإن لم يفهمه عبارة المصنف. ولو قال: اشتريت هذا منك بكذا فقال: بعتك انعقد إجماعا كما نقله الأذرعي عن شرح الوجيز لابن يونس، فلو لم يأت بلفظ الامر بأن أتى بلفظ الماضي أو المضارع كقوله: بعتني أو تبيعني، فقال: بعتك لم ينعقد البيع حتى يقبل بعد ذلك، قال الأسنوي: والمتجه أن يلحق بصيغة الامر ما دل عليه كاسم الفاعل والمضارع المقرون بلام الامر، ولا يضر اختلاف اللفظ من الجانبين، فلو قال: اشتريت منك كذا بكذا فقال البائع: ملكتك، أو قال له البائع: ملكتك فقال: اشتريت صح لحصول المقصود بذلك. ويصح البيع بفعلت في جواب بعني وكذا ب نعم في جواب بعت واشتريت كما مرت الإشارة إليه. ثم ما ذكره المصنف صريح واستغنى عن التصريح به بقوله: (وينعقد) أي البيع (بالكناية) وهي ما تحتمل البيع وغيره مع النية، (كجعلته لك) أو خذه أو تسلمه أو سلطتك عليه، (بكذا) ناويا البيع فينعقد بذلك (في الأصح) ففي الأصح راجع إلى الانعقاد بالكناية كما تقرر لا إلى كون جعلته من الكنايات فهذا لا خلاف فيه، فلو قال وينعقد بالكناية في الأصح كجعلته لك بكذا كما في المحرر لكان أحسن، والثاني: لا ينعقد بالكناية لأن المخاطب لا يدري أخوطب ببيع أم غيره. وأجيب بأن ذكر العوض ظاهر في إرادة البيع، ومن الكناية باعكه الله بكذا كأقالك الله بكذا أو رده الله عليك في الإقالة بخلاف أبرأك الله فإنه صريح ك طلقك الله، وضابط ذلك أن ما استقل به الشخص وحده كالبراءة كان صريحا ومالا كالبيع فكناية، وليس من كناية البيع أبحتك إياه بكذا، قال في المجموع : لأنه صريح في الإباحة مجانا فلا يكون كناية في غيرها، وهذا هو المعتمد وإن نظر فيه بعضهم. واستثنى في المطلب صحة طلاق السكران بالكناية، قال بعض المتأخرين: وقياسه منع صحة بيعه وشرائه بها أه. والظاهر الصحة في الموضعين، وينعقد بالكناية منع النية سائر العقود وإن لم يقبل التعليق، فإن توفرت القرائن على إرادة البيع قال الامام: وجب القطع بصحته، والنكاح وبيع الوكيل المشروط فيه الاشهاد لا ينعقدان بها لأن الشهود لا يطلعون على النية، نعم إن توفرت القرائن عليه في الثانية، قال الغزالي: فالظاهر انعقاده، وأقره عليه في الروضة، وهو المعتمد خلافا لما جرى عليه صاحب الأنوار من عدم الصحة، والفرق بينه وبين النكاح أن النكاح يحتاط له أكثر. وصورة الشرط أن يقول: بع هذا على أن تشهد، فإن قال: بع واشهد لم يكن الاشهاد شرطا، صرح بذلك المرعشي، واقتضاه كلام غيره. والكتابة بالبيع ونحوه على نحو لوح أو ورق أو أرض كناية في ذلك فينعقد بها مع النية بخلاف الكتابة على المائع ونحوه كالهواء فإنه لا يكون كناية لأنها لا تثبت. ويشترط القبول من المكتوب إليه حال الاطلاع ليقترن بالايجاب بقدر الامكان، فإذا قبل فله الخيار ما دام في مجلس قبوله. ويثبت الخيار للكاتب ممتدا إلى أن ينقطع خيار صاحبه، حتى لو علم أنه رجع عن الايجاب قبل مفارقة المكتوب إليه في مجلسه صح رجوعه ولم ينعقد البيع، أي لم يستمر، وإن كتب بذلك لحاضر صح أيضا في أحد وجهين رجحه الزركشي كالسبكي وهو المعتمد. ولو باع من غائب كأن قال: بعت داري لفلان وهو غائب فقبل حين بلغه الخبر صح كما لو كاتبه بل أولى.
فرع: يصح البيع ونحوه من المعاملات بالعجمية مع القدرة على العربية قطعا، وفي النكاح خلاف التعبد ، والأصح فيه الصحة. (ويشترط أن لا يطول الفصل) بين الايجاب والقبول ولو بكتابة أو إشارة أخرس. وقوله: (بين لفظيهما) مثال، ولو عبر بما قدرته كان أولى، فإن طال ضر لأن طول الفصل يخرج الثاني عن أن يكون جوابا عن