مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٥
كلام الشيخين هنا، لكن ذكرا في التوكيل في النكاح أنه لو قال وكيل الزوج أولا: قبلت نكاح فلانة منك لفلان فقال وكيل الولي: زوجتها فلانا جاز، وقياسه أنه لو قال: قبلت بيع هذا منك بكذا لموكلي أو لنفسي، فقال: بعتك أنه يصح، وهو ظاهر لأن النكاح يحتاط فيه ما لا يحتاط في البيع. (ولو قال) شخص لآخر بصيغة الامر: (بعني) كذا بكذا (فقال بعتك انعقد) البيع (في الأظهر) لدلالة بعني على الرضا، والثاني: لا ينعقد إلا إذا قال المشتري بعد ذلك اشتريت أو قبلت لأنه قد يقول بعني لاستبانة الرغبة، ولو قال: اشتر مني فقال: اشتريت، فكما قال بعني فقال بعتك، قاله البغوي وصححه في المجموع وإن لم يفهمه عبارة المصنف. ولو قال: اشتريت هذا منك بكذا فقال: بعتك انعقد إجماعا كما نقله الأذرعي عن شرح الوجيز لابن يونس، فلو لم يأت بلفظ الامر بأن أتى بلفظ الماضي أو المضارع كقوله: بعتني أو تبيعني، فقال: بعتك لم ينعقد البيع حتى يقبل بعد ذلك، قال الأسنوي: والمتجه أن يلحق بصيغة الامر ما دل عليه كاسم الفاعل والمضارع المقرون بلام الامر، ولا يضر اختلاف اللفظ من الجانبين، فلو قال: اشتريت منك كذا بكذا فقال البائع: ملكتك، أو قال له البائع: ملكتك فقال: اشتريت صح لحصول المقصود بذلك. ويصح البيع بفعلت في جواب بعني وكذا ب‍ نعم في جواب بعت واشتريت كما مرت الإشارة إليه. ثم ما ذكره المصنف صريح واستغنى عن التصريح به بقوله: (وينعقد) أي البيع (بالكناية) وهي ما تحتمل البيع وغيره مع النية، (كجعلته لك) أو خذه أو تسلمه أو سلطتك عليه، (بكذا) ناويا البيع فينعقد بذلك (في الأصح) ففي الأصح راجع إلى الانعقاد بالكناية كما تقرر لا إلى كون جعلته من الكنايات فهذا لا خلاف فيه، فلو قال وينعقد بالكناية في الأصح كجعلته لك بكذا كما في المحرر لكان أحسن، والثاني: لا ينعقد بالكناية لأن المخاطب لا يدري أخوطب ببيع أم غيره. وأجيب بأن ذكر العوض ظاهر في إرادة البيع، ومن الكناية باعكه الله بكذا كأقالك الله بكذا أو رده الله عليك في الإقالة بخلاف أبرأك الله فإنه صريح ك‍ طلقك الله، وضابط ذلك أن ما استقل به الشخص وحده كالبراءة كان صريحا ومالا كالبيع فكناية، وليس من كناية البيع أبحتك إياه بكذا، قال في المجموع : لأنه صريح في الإباحة مجانا فلا يكون كناية في غيرها، وهذا هو المعتمد وإن نظر فيه بعضهم. واستثنى في المطلب صحة طلاق السكران بالكناية، قال بعض المتأخرين: وقياسه منع صحة بيعه وشرائه بها أه‍. والظاهر الصحة في الموضعين، وينعقد بالكناية منع النية سائر العقود وإن لم يقبل التعليق، فإن توفرت القرائن على إرادة البيع قال الامام: وجب القطع بصحته، والنكاح وبيع الوكيل المشروط فيه الاشهاد لا ينعقدان بها لأن الشهود لا يطلعون على النية، نعم إن توفرت القرائن عليه في الثانية، قال الغزالي: فالظاهر انعقاده، وأقره عليه في الروضة، وهو المعتمد خلافا لما جرى عليه صاحب الأنوار من عدم الصحة، والفرق بينه وبين النكاح أن النكاح يحتاط له أكثر. وصورة الشرط أن يقول: بع هذا على أن تشهد، فإن قال: بع واشهد لم يكن الاشهاد شرطا، صرح بذلك المرعشي، واقتضاه كلام غيره. والكتابة بالبيع ونحوه على نحو لوح أو ورق أو أرض كناية في ذلك فينعقد بها مع النية بخلاف الكتابة على المائع ونحوه كالهواء فإنه لا يكون كناية لأنها لا تثبت. ويشترط القبول من المكتوب إليه حال الاطلاع ليقترن بالايجاب بقدر الامكان، فإذا قبل فله الخيار ما دام في مجلس قبوله. ويثبت الخيار للكاتب ممتدا إلى أن ينقطع خيار صاحبه، حتى لو علم أنه رجع عن الايجاب قبل مفارقة المكتوب إليه في مجلسه صح رجوعه ولم ينعقد البيع، أي لم يستمر، وإن كتب بذلك لحاضر صح أيضا في أحد وجهين رجحه الزركشي كالسبكي وهو المعتمد. ولو باع من غائب كأن قال: بعت داري لفلان وهو غائب فقبل حين بلغه الخبر صح كما لو كاتبه بل أولى.
فرع: يصح البيع ونحوه من المعاملات بالعجمية مع القدرة على العربية قطعا، وفي النكاح خلاف التعبد ، والأصح فيه الصحة. (ويشترط أن لا يطول الفصل) بين الايجاب والقبول ولو بكتابة أو إشارة أخرس. وقوله: (بين لفظيهما) مثال، ولو عبر بما قدرته كان أولى، فإن طال ضر لأن طول الفصل يخرج الثاني عن أن يكون جوابا عن
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429