مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٣
تنبيه: قد جرت عادة المصنف رحمه الله تعالى أن يذكر أولا محل الاتفاق ثم يذكر المختلف فيه، فإمكان تسليمه يصح بالاتفاق وإمكان تسلمه يصح على الصحيح، فإذن لا اعتراض، لكن كان الأولى أن يعبر بالقدرة بدل الامكان كما عبر بها في المجموع، إذ لا يلزم من ثبوت إمكانه ونفي الاستحالة عند القدرة عليه. ويستثنى من ذلك ما لو باع بنقد يعز وجوده فإنه يصح بناء على جواز الاستبدال عن الثمن وهو الأصح، ثم عند التسليم إن وجد فذاك وإلا فيستبدل . وإذا علم اعتبار قدرة التسليم (فلا يصح بيع) ما يتعذر تسليمه كالطير في الهواء، وإن تعود العود إلى محله لما فيه من الغرر، ولأنه لا يوثق به لعدم عقله، وبهذا فارق صحة بيع العبد المرسل في حاجة. نعم يصح بيع النحل الموثقة أمه وهي يعسوبه وهو أميره بأن يكون في الكوارة - وهي بضم الكاف وفتحها مع تشديد الواو فيهما ومع تخفيفها في الأولى الخلية -، وهي بيت يعمل للنحل من عيدان كما قاله في المحكم، وقال في الصحاح: هو العسل في شمعه، ولا معنى له هنا ، وحكي أيضا كسر الكاف مع تخفيف الواو. وفارق بقية الطيور بأنه لا يقصد بالجوارح، وبأنه لا يأكل عادة إلا مما يرعاه فلو توقف صحة بيعه على حبسه لربما أضر به. أو تعذر بيعه بخلاف بقية الطيور، والناد، (والضال) والرقيق المنقطع خبره (والآبق والمغصوب) من غير غاصبه، للعجز عن تسليم ذلك حالا . فائدة: الضال لا يقع إلا على الحيوان إنسانا كان وغيره، وأما الآبق فقال الثعالبي: لا يقال للعبد آبق إلا إذا كان ذهابه من غير خوف ولا كد في العمل وإلا فهو هارب. قال الأذرعي: لكن الفقهاء يطلقونه عليهما. (فإن باعه) أي المغصوب (لقادر على انتزاعه) دونه أو الآبق لقادر على رده دونه، (صح على الصحيح) نظرا إلى وصوله إليهما إلا إن احتاجت قدرته إلى مؤنة فالظاهر البطلان كما قاله في المطلب. والثاني: لا يصح، لأن التسليم واجب على البائع وهو عاجز عنه، أما إذا كان البائع قادرا على انتزاعه أو رده فإنه يصح بلا خلاف كما علم مما مر. قال في المطلب: إلا إذا كان فيه تعب شديد فينبغي أن يأتي فيه ما في بيع السمك في البركة، أي وشق تحصيله فيها، والأصح عدم الصحة.
فإن قيل: منع بيع الضال والآبق والمغصوب مشكل لأن إعتاقهم جائز، وقد صرحوا بأن العبد إذا لم يكن في شرائه منفعة إلا حصول الثواب بالعتق كالعبد الزمن صح بيعه، وإعتاق المبيع قبل قبضه صحيح ويكون قبضا فلم لا يصح بيع هؤلاء إذا كانوا زمناء، بل مطلقا لوجود منفعة من المنافع التي يصح لها الشراء. أجيب بأن الزمن ليس فيه منفعة قد حيل بين المشتري وبينها بخلاف المغصوب ونحوه، وقضيته أنه إذا لم يكن لهم منفعة سوى العتق يصح بيعهم، والظاهر أنه لا يصح مطلقا. وقول الكافي: يصح بيع العبد التائه لأنه يمكن الانتفاع بإعتاقه في التقرب إلى الله تعالى بخلاف الحمار التائه، ممنوع. ولا يصح بيع سمك في ماء، ولو في بركة إ شق تحصيله منها لعدم قدرته على تسليمه، فإن سهل تحصيله ولم يمنع الماء رؤيته صح، وبرج الطائر كالبركة للسمك. وتصح كتابة الآبق وكذا المغصوب إن تمكن من التصرف، كما يصح تزويجهما وعتقهما وإن انتفت القدرة على التسليم. (ولا يصح بيع نصف) مثلا (معين من الاناء والسيف ونحوهما) كثوب نفيس تنقص بقطعه قيمته للعجز عن تسليم ذلك شرعا ، لأن التسليم فيه لا يمكن إلا بالكسر أو القطع وفيه نقص وتضييع مال وهو حرام، وفرقوا بينه وبين بيع ما قالوه من صحة بيع ذراع من أرض بأن التمييز فيها يحصل بنصب علامة بين الملكين بلا ضرر. فإن قيل: قد تتضيق مرافق الأرض بالعلامة وتنقص القيمة فينبغي إلحاقها بالثوب. أجيب بأن النقص فيها يمكن تداركه بخلافه في الثوب. قال في المجموع: وطريق من أراد شراء ذراع معين من ثوب نفيس أن يواطئ صاحبه على شرائه ثم يقطعه قبل الشراء ثم يشتريه فيصح بلا خلاف، وظاهره أنه لا يحرم القطع، ووجهه أنه حل لطريق البيع فاحتمل للحاجة، ولا حاجة إلى تأخيره عن البيع. وأولى من ذلك كما قال الزركشي أن يشتريه مشاعا ثم يقطعه، لأن بيع الجزء المشاع جائز مطلقا ويصير الجميع مشتركا. ولا يصح بيع جذع معين في بناء لأن الهدم يوجب النقص، ولا بيع بعض معين من جدار إذا
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429