الناس بيعا، لأنه لم يثبت اشتراط لفظ فيرجع للعرف كسائر الألفاظ المطلقة، وبعضهم ك ابن سريج والروياني خصص جواز بيع المعاطاة بالمحقرات، وهي ما جرت العادة فيها بالمعاطاة: كرطل خبز وحزمة بقل، وقال بعضهم: كل من وسم بالبيع اكتفى منه بالمعاطاة كالعامي والتاجر، وكل من لم يعرف بذلك لا يصح منه إلا باللفظ. قال في المجموع: وأما إذا كان يأخذ من البياع ويحاسبه بعد مدة ويعطيه كما يفعل كثير من الناس فإنه باطل بلا خلاف لأنه ليس ببيع لفظي ولا معاطاة فليعلم ذلك وليحذر منه ولا يغتر بكثرة من يفعله. قال الأذرعي: وهذا ما أفتى به البغوي، وذكر ابن الصلاح في فتاويه نحوه ، والظاهر أنه قاله تفقها ومن كلامه أخذ المصنف. لكن الغزالي في الاحياء مسامح في ذلك، فقال: وأخذ الحاجة من البياع يقع على ضربين: أحدهما أن يقول: أعطني بكذا لحما أو خبزا مثلا وهذا هو الغالب، فيدفع إليه مطلوبه فيقبض ويرضى به، ثم بعد مدة يحاسبه ويؤدي ما اجتمع عليه، فهذا مجزوم بصحته عند من يجوز المعاطاة فيما أراه. والثاني:
أن يلتمس مطلوبه من غير تعرض لثمن، كأعطني رطل خبز أو لحم مثلا فهذا محتمل. وهو ما رأى الغزالي إباحته ومنعها المصنف. وقوله: أنه لا يعد معاطاة ولا بيعا فيه نظر بل يعده الناس بيعا، والغالب أن يكون قدر ثمن الحاجة معلوما لهما عند الاخذ والعطاء وإن لم يتعرضا له لفظا أه. وأشار المصنف بكاف التشبيه فيما ذكره من صيغ الايجاب والقبول إلى عدم الحصر فيه فيكفي غيره كما تقدم بعض ذلك. ومن ألفاظ صيغ الايجاب: صارفتك في بيع النقد بالنقد، أو قررتك بعد الانفساخ بأن يقول البائع بعد انفساخ البيع: قررتك على موجب العقد الأول فيقبل صاحبه كما اقتضاه كلام الشيخين في القراض، ووليتك وأشركتك. ومن ألفاظ القبول: صارفت وتقررت بعد الانفساخ في جواب قررتك، وتعوضت في جواب عوضتك ، وقد فعلت في جواب اشتر مني ذا بكذا كما جزم به الرافعي في النكاح، وفي جواب بعتك كما في زيادات العبادي، نقله عنها الأسنوي، وبكاف الخطاب في الايجاب إلى أمرين: أحدهما أن إسناد البيع إلى المخاطب لا بد منه، ولو كان نائبا عن غيره حتى لو لم يسند إلى أحد كما يقع في كثير من الأوقات أن يقول المشتري للبائع: بعت هذا بعشرة مثلا، فيقول: بعت فيقبله المشتري لم يصح، وكذا لو أسنده إلى غير المخاطب كبعت موكلك بخلاف النكاح فإنه لا يصح إلا بذلك، لأن الوكيل ثم سفير محض. وقد لا يعتبر الخطاب كما في مسألة المتوسط، وهي أن يقول شخص للبائع: بعت هذا بكذا، فيقول: نعم أو بعت، ويقول للآخر: اشتريت، فيقول: نعم أو اشتريت، فينعقد البيع لوجود الصيغة. ولو كان الخطاب من أحدهما للآخر فظاهر كلام الحاوي الصحة، وجرى على ذلك شيخنا في شرح البهجة، والمعتمد كما قال شيخي عدم الصحة لأن المتوسط قائم مقام المخاطبة ولم يوجد. نعم إن أجاب المشتري بعد ذلك صح فيما إذا قال البائع: نعم دون بعت ولا يشترط في المتوسط التكليف لأن العقد لا يتعلق به. ولو قال: اشتريت منك هذا بكذا فقال البائع: نعم أو قال: بعتك فقال المشتري : نعم صح كما ذكره في الروضة في باب النكاح استطرادا، وإن خالف في ذلك شيخنا في شرح البهجة، وعلل ذلك بأنه لا التماس فلا جواب. ويدل لصحة القبول ب نعم متأخرة عبارة ابن قاضي عجلون في تصحيحه، ويمتنع الابتداء بنعم بناء على صحة القبول بها متأخرة وهو الأصح أه. الأمر الثاني: لا بد من إسناده إلى جملته فلا يصح: بعته، ليدك أو لنصفك وذكر الرافعي في الركن الثاني من كتاب الظهار ضابط ما يصح إسناده إلى الجزء وما لا يصح فقال قال الأصحاب: ما يقبل التعليق من التصرفات تصح إضافته إلى بعض محل ذلك التصرف كالطلاق والعتاق، وما لا يقبله لا تصح إضافته إلى بعض المحل كالنكاح والرجعة أه. فإن قيل: الكفالة لا يصح تعليقها وتصح إضافتها إلى جزء لا يبقى الشخص بدونه كرأسه.
أجيب بأن المراد تصح إضافته إلى أي جزء كان، وهذا إلى جزء مخصوص.
تنبيه: اعتبار الصيغة جار حتى في البيع الضمني لكن تقديرا، كأن يقال: أعتق عبدك عني على كذا ففعل ، فإنه يعتق عن الطالب ويلزمه العوض كما سيأتي في الكفارة، فكأنه قال: بعنيه وأعتقه عني وقد أجابه. وسكت المصنف عن صيغة الثمن لوضوح اشتراط أنه لا بد من ذكره، وله صيغ منها أن يقول بكذا كما مرت الإشارة إليه وهي الأصل، ومنها: على أن تعطيني كذا، ومنها: ولي عليك كذا أو يقول المشتري: ولك علي كذا. ومنها: بعتك على ألف ونحو ذلك.
(ويجوز تقدم لفظ المشتري) على لفظ البائع لحصول المقصود مع ذلك. ومنع الامام والقفال تقدم قبلت وهو قضية