مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٩
وبه جزم الروياني وابن الرفعة. وقال النشائي في نكته: إنه ظاهر النص. وإن وجده متغيرا ثبت له الخيار، وقيل: يتبين بطلان العقد. وليس المراد بالتغير حدوث عيب فيه فإن خيار العيب لا يختص بهذه الصورة بل التغير عما كان عليه ، والصفة الموجودة عند الرؤية كالشرط في الصفات الكائنة عند الرؤية، فإذا بان فوت شئ منها كان بمثابة الخلف في الشرط، وإن اختلفا في التغير فقال البائع: هو بحاله. وقال المشتري: بل تغير صدق المشتري بيمينه لأن البائع يدعي عليه علمه بهذه الصفة، والأصل عدمه كدعوى علمه بالغيب. فإن قيل: هذا يشكل بما إذا اختلفا في عيب يمكن حدوثه فإن القول قول البائع في الأصح. أجيب بأنهما ثم اتفقا على وجود العيب في يد المشتري، والأصل عدم وجوده في يد البائع . تنبيه: قول المصنف: فيما لا يتغير غالبا يفهم الصحة فيما يحتمل التغير وعدمه على السواء، كالحيوان، وهو الأصح لأنه يصدق بأنه لا يتغير غالبا، ولا ينافيه قوله: (دون ما يتغير غالبا) كالأطعمة بل يوافقه. قال ابن شهبة: خلافا لمن قال من شراح الكتاب إن مفهوم المنهاج متدافع فإنه يفهم أول كلامه البطلان ومفهوم آخره الصحة، وإنما بطل فيما يتغير غالبا لأن الرؤية السابقة لم تفد معرفة حال العقد، وعلم من كلامه البطلان فيما تحقق تغيره بطريق الأولى. (وتكفي رؤية بعض المبيع إن دل على باقيه كظاهر الصبرة) من حنطة ونحوها وجوز ونحوه وأدقة، وكأعالي المائعات في أوعيتها كالدهن ، وأعلى التمر في قوصرته والطعام في آنيته، وكذا القطن المجرد من جوزه ولو في عدله، ولا خيار له إذا رأى الباطن إلا إذا خالف الظاهر بنقص بخلاف صبرة الرمان والسفرجل والبطيخ ونحو ذلك لعدم الدلالة على باقيها، بل يشترط رؤية كل واحدة منها حتى لو رأى أحد جانبي البطيخة كان كبيع الغائب، ولو كان الغائب أنها لا تتفاوت كالثوب الصفيق يرى أحد وجهيه قاله البغوي في فتاويه. قال الشيخان: ولا يكفي في سلة العنب والخوخ ونحوهما رؤية أعلى ظاهره لكثرة الاختلاف في ذلك بخلاف الحبوب. (و) مثل (أنموذج المتماثل) أي المتساوي الاجزاء كالحبوب، فإن رؤيته تكفي عن رؤية باقي المبيع فلا بد من إدخاله في البيع. ولا يشترط خلطه في المبيع قبله، فإذا قال: بعتك حنطة هذا البيت مع الأنموذج صح وإن لم يخلطه بها قبل البيع، وقول الأسنوي: إنه لا بد من خلطه في المبيع قبل عقد البيع كما أفتى به البغوي ممنوع، لأن البغوي إنما أفتى بأنه لا يصح ولو خلطه بها كما لو باع شيئا رأى بعضه دون بعض، أما إذا باعها دونه كأن قال: بعتك من هذا النوع كذا فإنه لا يصح لأنه لم ير المبيع ولا شيئا منه.
تنبيه: قوله: وأنموذج هو بضم الهمزة والميم وبفتح الذال المعجمة: مقدار تسميه السماسرة عينا معطوف على ظاهر من قوله: كظاهر الصبرة كما علم من التقدير، فيكون كل منهما، أعني من ظاهر وأنموذج مثالا لبعض المبيع الدال على باقيه، لا أنه معطوف على بعض المبيع فإنه من أمثلة رؤية البعض لما تقدم من أنه لا بد من إدخاله في البيع. (أو) لم يدل على باقيه بل (كان صوانا) بكسر الصاد وضمها، ويقال صيان، (للباقي) لبقائه (خلقة كقشر الرمان والبيض والقشرة السفلى للجوز واللوز) فتكفي رؤيته لأن صلاح باطنه في بقائه فيه وإن لم يدل هو عليه فقوله: أو كان إلخ قسيم قوله: إن دل كما قدرته. وقوله كالمحرر: خلقة مزيد على الروضة وأصلها، وهو صفة لبيان الواقع في الأمثلة المذكورة ونحوها، واحترز به عن جلدة الكتاب ونحوه فإن رؤيته لا تكفي، ولكن يرد على طرده الدر في صدفه والمسك في فأرته لأنه لا يصح البيع فيهما مع أن الصوان خلقي، وعلى عكسه الخشكنان والجبة المحشوة بالقطن فإنه يصح بيعهما مع أن صوانهما غير خلقي. قال الأذرعي: وهل يلتحق الفرش واللحف بهما؟ فيه وقفة، والظاهر كما قال ابن شهبة عدم الالحاق لأن القطن فيها مقصود لذاته بخلاف الجبة. ولا يرد على المصنف بيع كوز الفقاع كما أورده الأسنوي فإنه صح بيعه فيه من غير رؤية كما مر، لأن الكوز ليس داخلا في البيع بخلاف الخشكنان ونحوه وإنما يرد على اشتراط الرؤية كما مر. وإنما صح فيه من غير رؤية لأن بقاءه فيه من مصلحته، ولأنه تشق رؤيته، ولأنه قدر يسير يتسامح به في العادة
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429