مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٦
الأول، والطويل كما قال في زيادة الروضة في النكاح: وهو ما أشعر بإعراضه عن القبول، بخلاف الفصل اليسير لعدم إشعاره بالاعراض عن القبول. ويضر تخلل كلام أجنبي عن العقد ولو يسيرا بين الايجاب والقبول وإن لم يتفرقا عن المجلس، لأن فيه إعراضا عن القبول بخلاف اليسير في الخلع. وفرق بأن فيه من جانب الزوج شائبة تعليق، ومن جانب الزوجة شائبة جعالة، وكل منهما موسع فيه محتمل للجهالة، بخلاف البيع. وظاهر كلامهم أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون ممن يريد أن يتم العقد أو غيره، وهو كذلك كما يؤخذ من كلام القاضي حسين. ومن عدهم في باب الخلع والردة من الموجب كلاما يسيرا، أي أجنبيا، ولان الموجب تعلقه بالعقد باق ما لم يقع القبول، فإنه لو جن أو خرج عن الأهلية لم يصح القبول، وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين فشرط أن يكون ذلك من القابل. والمراد بالكلام ما يشمل الكلم والكلمة لا المصطلح عليه عند النحاة. وخرج بالأجنبي غيره فلا يضر، وفسر في الأنوار الأجنبي بأن لا يكون من مقتضى العقد ولا من مصالحه ولا من مستحباته، قال: فلو قال المشتري: بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله قبلت صح اه‍. وهذا إنما يأتي على طريقة الرافعي، أما على ما صححه المصنف في باب النكاح فهو ليس بمستحب، لكنه لا يضر كما في النكاح. ويشترط أيضا أن يكون القبول ممن صدر معه الخطاب، فلو مات المخاطب به قبل قبوله فقبل وارثه لم ينعقد، وكذا لو قبل وكيله أو موكله كما هو مقتضى كلام الأصحاب، وجزم به ابن المقري في شرح إرشاده، خلافا للناشري القائل بالصحة في الموكل، وأن يصر البادي على ما أتى به من الايجاب إلى القبول، وأن تبقى أهليته كذلك، فلو أوجب بمؤجل أو شرط الخيار ثم أسقط الاجل أو الخيار أو جن أو أغمي عليه مثلا لم يصح العقد لضعف الايجاب وحده. وأن يتلفظ كل منهما بحيث يسمعه من بقربه وإن لم يسمعه صاحبه، وأن لا يكون العقد مؤقتا، فلو قال: بعتكه بكذا شهرا مثلا، لم يصح. وأن لا يكون معلقا بما لا يقتضيه العقد، فلو قال: إن جاء زيد فقد بعتك كذا لم يصح، بخلاف ما إذا علق بما يقتضيه العقد كقوله: بعتك هذا بكذا إن شئت فقال: اشتريت، أو قال: اشتريت منك هذا بكذا إن شئت فقال: بعتك صح. ولا يضر هذا التعليق لأنه تصريح بمقتضى العقد، فأشبه ما لو قال: إن كان هذا ملكي فقد بعتكه بكذا، ولو قال في الجواب: شئت لم يصح لأن لفظ المشيئة ليس من ألفاظ التمليك. والظاهر كما قاله بعض المتأخرين أن إن رضيت أو إن أجبت أو إن اخترت أو إن أردت كإن شئت، ولو قال: بعتك إن قبلت فقبل صح كما صححه الماوردي، ولو قال: اشتريت منك بكذا فقال: بعتك إن شئت لم يصح كما قاله الامام لاقتضاء التعليق وجود شئ بعده ولم يوجد، فلو قال بعده: اشتريت أو قبلت لم يصح أيضا، إذ يبعد حمل المشيئة على استدعاء القبول وقد سبق فيتعين إرادتها نفسها فيكون تعليقا محضا هو مبطل، ولو قال: إن شئت بعتكه لم يصح لأن فيه تعليقا لأصل العقد وهو ممتنع.
تنبيه: يستثنى من اشتراط عدم التعليق مسألة الوكيل في شراء الجارية إذا قال الموكل: إن كنت أمرتك بعشرين فقد بعتكها بها، وما لو قال: إن كان ملكي فقد بعتكه، ولو علق بمشيئة الله تعالى فله ثلاث حالات مرت في الوضوء والقياس مجيئها هنا. ولا بد أن يتأخر القبول عن تمام الايجاب ومصالحه، فلو قال: بعتك هذا الثوب بألف درهم مؤجلة إلى شهر بشرط خيار الثلاث فقبل قبل أن يفرغ البائع منه بطل، كما لو قال: زوجتك ابنتي على ألف درهم مؤجلة إلى شهر فقبل قبل الفراغ منه. (وأن يقبل على وفق الايجاب) في المعنى كالجنس والنوع والصفة والعدد والحلول والأجل. (فلو قال بعتك) هذا العد مثلا (بألف مكسرة فقال قبلت بألف صحيحة) أو عكسه كما فهم بالأولى، أو: بعتكه بألف فقبل بألف وخمسمائة، أو: بألف فقبل بخمسمائة، أو قبل بعض البيع أو قبل نصيب أحد البائعين كأن قالا : بعناك عبدنا بألف فقبل نصيب أحدهما، (لم يصح) لاختلاف المعنى. ولو قال المخاطب فيما لو قيل له بعتكه بألف: قبلت نصفه بخمسمائة ونصفه الآخر بخمسمائة صح عند المتولي، وجزم به ابن المقري وهو المعتمد، وإن مال الأسنوي إلى البطلان، إذ لا مخالفة بذكر مقتضى الاطلاق. واستشكله الرافعي بأن أوجب له عقدا فقبل عقدين لتعدد الصفقة بتفصيل الثمن.
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429