الأول، والطويل كما قال في زيادة الروضة في النكاح: وهو ما أشعر بإعراضه عن القبول، بخلاف الفصل اليسير لعدم إشعاره بالاعراض عن القبول. ويضر تخلل كلام أجنبي عن العقد ولو يسيرا بين الايجاب والقبول وإن لم يتفرقا عن المجلس، لأن فيه إعراضا عن القبول بخلاف اليسير في الخلع. وفرق بأن فيه من جانب الزوج شائبة تعليق، ومن جانب الزوجة شائبة جعالة، وكل منهما موسع فيه محتمل للجهالة، بخلاف البيع. وظاهر كلامهم أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون ممن يريد أن يتم العقد أو غيره، وهو كذلك كما يؤخذ من كلام القاضي حسين. ومن عدهم في باب الخلع والردة من الموجب كلاما يسيرا، أي أجنبيا، ولان الموجب تعلقه بالعقد باق ما لم يقع القبول، فإنه لو جن أو خرج عن الأهلية لم يصح القبول، وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين فشرط أن يكون ذلك من القابل. والمراد بالكلام ما يشمل الكلم والكلمة لا المصطلح عليه عند النحاة. وخرج بالأجنبي غيره فلا يضر، وفسر في الأنوار الأجنبي بأن لا يكون من مقتضى العقد ولا من مصالحه ولا من مستحباته، قال: فلو قال المشتري: بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله قبلت صح اه. وهذا إنما يأتي على طريقة الرافعي، أما على ما صححه المصنف في باب النكاح فهو ليس بمستحب، لكنه لا يضر كما في النكاح. ويشترط أيضا أن يكون القبول ممن صدر معه الخطاب، فلو مات المخاطب به قبل قبوله فقبل وارثه لم ينعقد، وكذا لو قبل وكيله أو موكله كما هو مقتضى كلام الأصحاب، وجزم به ابن المقري في شرح إرشاده، خلافا للناشري القائل بالصحة في الموكل، وأن يصر البادي على ما أتى به من الايجاب إلى القبول، وأن تبقى أهليته كذلك، فلو أوجب بمؤجل أو شرط الخيار ثم أسقط الاجل أو الخيار أو جن أو أغمي عليه مثلا لم يصح العقد لضعف الايجاب وحده. وأن يتلفظ كل منهما بحيث يسمعه من بقربه وإن لم يسمعه صاحبه، وأن لا يكون العقد مؤقتا، فلو قال: بعتكه بكذا شهرا مثلا، لم يصح. وأن لا يكون معلقا بما لا يقتضيه العقد، فلو قال: إن جاء زيد فقد بعتك كذا لم يصح، بخلاف ما إذا علق بما يقتضيه العقد كقوله: بعتك هذا بكذا إن شئت فقال: اشتريت، أو قال: اشتريت منك هذا بكذا إن شئت فقال: بعتك صح. ولا يضر هذا التعليق لأنه تصريح بمقتضى العقد، فأشبه ما لو قال: إن كان هذا ملكي فقد بعتكه بكذا، ولو قال في الجواب: شئت لم يصح لأن لفظ المشيئة ليس من ألفاظ التمليك. والظاهر كما قاله بعض المتأخرين أن إن رضيت أو إن أجبت أو إن اخترت أو إن أردت كإن شئت، ولو قال: بعتك إن قبلت فقبل صح كما صححه الماوردي، ولو قال: اشتريت منك بكذا فقال: بعتك إن شئت لم يصح كما قاله الامام لاقتضاء التعليق وجود شئ بعده ولم يوجد، فلو قال بعده: اشتريت أو قبلت لم يصح أيضا، إذ يبعد حمل المشيئة على استدعاء القبول وقد سبق فيتعين إرادتها نفسها فيكون تعليقا محضا هو مبطل، ولو قال: إن شئت بعتكه لم يصح لأن فيه تعليقا لأصل العقد وهو ممتنع.
تنبيه: يستثنى من اشتراط عدم التعليق مسألة الوكيل في شراء الجارية إذا قال الموكل: إن كنت أمرتك بعشرين فقد بعتكها بها، وما لو قال: إن كان ملكي فقد بعتكه، ولو علق بمشيئة الله تعالى فله ثلاث حالات مرت في الوضوء والقياس مجيئها هنا. ولا بد أن يتأخر القبول عن تمام الايجاب ومصالحه، فلو قال: بعتك هذا الثوب بألف درهم مؤجلة إلى شهر بشرط خيار الثلاث فقبل قبل أن يفرغ البائع منه بطل، كما لو قال: زوجتك ابنتي على ألف درهم مؤجلة إلى شهر فقبل قبل الفراغ منه. (وأن يقبل على وفق الايجاب) في المعنى كالجنس والنوع والصفة والعدد والحلول والأجل. (فلو قال بعتك) هذا العد مثلا (بألف مكسرة فقال قبلت بألف صحيحة) أو عكسه كما فهم بالأولى، أو: بعتكه بألف فقبل بألف وخمسمائة، أو: بألف فقبل بخمسمائة، أو قبل بعض البيع أو قبل نصيب أحد البائعين كأن قالا : بعناك عبدنا بألف فقبل نصيب أحدهما، (لم يصح) لاختلاف المعنى. ولو قال المخاطب فيما لو قيل له بعتكه بألف: قبلت نصفه بخمسمائة ونصفه الآخر بخمسمائة صح عند المتولي، وجزم به ابن المقري وهو المعتمد، وإن مال الأسنوي إلى البطلان، إذ لا مخالفة بذكر مقتضى الاطلاق. واستشكله الرافعي بأن أوجب له عقدا فقبل عقدين لتعدد الصفقة بتفصيل الثمن.