مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٧٤
الماوردي: ليس التقدير بالكعبين في كل الأزمان والبلدان لأنه مقدر بالحاجة والحاجة تختلف، وبه جزم المتولي، وقال السبكي: إنه قوي جدا. والحديث واقعة حال يحتمل أن التقدير فيها لما اقتضاه حالها، ولولا هيبة الحديث وخوفي سرعة تأويله وحمله لكنت أختاره، لكن أستخير الله فيه حتى ينشرح صدري، ويقذف الله فيه نور المراد لنبيه (ص) اه‍. والمراد بالأعلى المحيى قبل الثاني وهكذا لا الأقرب إلى النهر. وعبروا بذلك جريا على الغالب من أن من أحيا بقعة يحرص على قربها من الماء ما أمكن لما فيه من سهولة السقي وخفة المؤنة وقرب عروق الغراس من الماء، ومن هن يقدم الأقرب إلى النهر إن أحيوا دفعة أو جهل السابق منهم، وهو المعتمد، وإن قال الأذرعي: ولا يبعد الاقراع. وخرج بضاق ما إذا اتسع: بأن كان يكفي جميعهم فيرسل كل منهم الماء في ساقيته إلى أرضه. (فإن كان في الأرض) الواحدة (ارتفاع) لطرف منها (وانخفاض) لآخر منها، (أفرد كل طرف بسقي) لأنهما لو سقيا معا لزاد الماء في المنخفضة على القدر المستحق، وطريقه كما في الروضة أن يسقي المنخفض حتى يبلغ الكعبين ثم يسده ثم يسقي المرتفع. والظاهر كما قال السبكي أنه لا يتعين البداءة بالأسفل، بل لو عكس جاز. ومرادهم أنه لا يزيد في المستغلة على الكعبين، وصرح في الاستقصاء بالتخيير بين الامرين وهو ظاهر. ولو احتاج الاعلى إلى السقي مرة أخرى قبل وصوله للأسفل قدم. ولو تنازع متحاذيان بأن تحاذت أرضهما أو أرادا شق النهر من موضعين متحاذيين تعينت القرعة إذ لا مزية لأحدهما على الآخر، وهذا كما قال الأذرعي إذا أحيا دفعة أو جهل أسبقهما، ولا ينافي هذا ما تقدم من أنه يقدم الاعلى فيما إذا أحيوا معا أو جهل الأسبق لأنه إنما قدم هناك لقربه من النهر، ولا مزية هنا مع أنه قيل بالاقراع كما مر. ولو أراد شخص إحياء أرض موات وسقيها من هذا النهر، فإن ضيق على السابق منع من الأحساء لأنهم استحقوا أرضهم بمرافقها والماء من أعظم مرافقها وإلا فلا منع، وقضية ذلك أنه لا يتقيد المنع بكونه أقرب إلى رأس النهر، وهو كذلك كما هو ظاهر كلام الروضة خلافا لابن المقري.
تنبيه: عمارة هذه الأنهار من بيت المال، ولكل من الناس بناء قنطرة عليها يمرون عليها وبناء رحى عليها إن كانت الأنهار في موات أو في ملكه، فإن كانت من العمران جاز مطلقا إن كان العمران واسعا، وبإذن الإمام إن كان ضيقا، ويجوز بناء الرحى أيضا إن لم يضر بالملاك وإلا فلا كإشراع الجناح في الشارع فيهما. (وما أخذ من هذا الماء) المباح (في بناء) أو حوض مسدود المنافذ أو بركة أو حفرة في أرض أو نحو ذلك، (ملك على الصحيح) كالاحتطاب والاحتشاش والاصطياد، وحكى ابن المنذر فيه بالاجماع، وقال ابن الصلاح في فتاويه: الدولاب الذي يديره الماء إذا دخل إناء في كيزانه ملكه صاحب الدولاب كما بذلك لو استقاه بنفسه، والثاني: لا يملك الماء بحال، بل يكون بحرزه أولى به من غيره. وعلى الأول لو رده إلى محله لم يصر شريكا به باتفاق الأصحاب. وهل يحرم عليه رده لأن فيه ضياع مال كما لو رمى في البحر فلسا فإنه يحرم عليه؟ ظاهر كلامهم عدم الحرمة. وقد سئلت عن هذه المسألة قبل ذلك وما أجبت فيها بشئ، وقد ظهر لي الآن عدم الحرمة لما قيل من أن الماء لا يملك بحال. وخرج بالاناء ونحوه الداخل في ملكه بسيل فإنه لا يملكه بدخوله في الأصح، فلو أخذه غيره ملكه وإن كان دخوله في ملكه بغير إذنه حراما. ومن حفر نهرا ليدخل فيه الماء من الوادي فالماء باق على إباحته، لكن مالك النهر أحق به، ولغيره الشرب وسقي الدواب والاستعمال منه ولو بدلو لجريان العرف بذلك. (وحافر بئر بموات) لا للتملك بل (للارتفاق) بها لنفسه مدة إقامته هناك، كمن ينزل في الموات ويحفر للشرب وسقي الدواب. (أولى بمائها) من غيره فيما يحتاج إليه كسقي ماشيته وزرعه، (حتى يرتحل) لحديث: من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به. أما ما فضل عن حاجته قبل ارتحاله فليس له منع ما فضل عنه لشرب أو ماشية وله منع غيره من سقي الزرع به، فإذا ارتحل صار البئر كالمحفورة للمارة، أو لا بقصد شئ، فإن عاد فهو كغيره. قال الأذرعي: هذا إذا ارتحل معرضا، أما لو كان لحاجة عازما
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429