مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٧٣
مقامه ففي إزعاجه الخلاف السابق في الظاهر. ولو ازدحم عليه اثنان وضاق عنهما فعلى ما سبق من الأوجه في المعدن الظاهر، ولقطعة ذهب أبرزها السيل أو أتى بها حكم المعدن الظاهر.
تنبيه: سكوت المصنف عن الاقطاع هنا يفهم جوازه، وهو الأظهر، لأنه (ص) أقطع بلال بن الحرث المعادن القبلية رواه أبو داود، وهي بفتح القاف والباء الموحدة: قرية بين مكة والمدينة يقال لها الفرع بضم الفاء وإسكان الراء.
وهذا الاقطاع إقطاع إرفاق كمقاعد الأسواق، وقيل: تمليك كإقطاع الموات. (ومن أحيا موتا فظهر فيه معدن باطن) كذهب (ملكه) جزما، لأنه بالاحياء ملك الأرض بجميع أجزائها ومن أجزائها المعدن، بخلاف الركاز فإنه مودع فيها ومع ملكه له لا يجوز له بيعه على الأصح في الروضة، لأن مقصود المعدن النيل وهو مجهول، فلو قال مالكه لشخص:
ما استخرجته منه فهو لي ففعل فلا أجرة له، أو قال: فهو بيننا فله أجرة النصف، أو قال له: كله لك فله أجرته، والحاصل مما استخرجه في جميع الصور للمالك لأنه هبة مجهول وخرج بظهر ما إذا كان عالما بأن بالبقعة المحياة معدنا فاتخذ عليه دارا، ففيه طريقان: أحدهما أنه على القولين في تملكه بالاحياء وهو قضية إطلاق المحرر، فيكون الراجح عدم تملكه لفساد القصد، وهو المعتمد كما هو في بعض نسخ الروض المعتمدة. والطريق الثاني: القطع بأنه يملكه، ورجحه في الكفاية.
وخرج بالباطن الظاهر فلا يملكه بالاحياء إن علمه لظهوره من حيث إنه لا يحتاج إلى علاج. أما إذا لم يعلمه فإنه يملكه كما في الحاوي، نقله عنه الشارح وهو المعتمد. فحاصله أن المعدنين حكمهما واحد وإن أفهمت عبارة المصنف أن الظاهر لا يملك مطلقا. وأما بقعة المعدنين فلا يملكها بالاحياء مع علمه بهما لفساد قصده، لأن المعدن لا يتخذ دارا ولا مزرعة ولا بستانا أو نحوها.
تنبيه: إنما خص المعدن بالذكر لأن الكلام فيه، وإلا فمن ملك أرضا بالاحياء ملك طبقاتها حتى الأرض السابعة. (والمياه المباحة من الأودية) كالنيل والفرات ودجلة، (والعيون) الكائنة (في الجبال) ونحوها من الموات وسيول الأمطار، (يستوي الناس فيها) لخبر: الناس شركاء في ثلاثة: الماء والكلأ والنار رواه ابن ماجة بإسناد جيد، فلا يجوز لاحد تحجرها ولا للإمام إقطاعها كما نقله القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما. ولو حضر اثنان فصاعدا أخذ كل ما شاء، فإن ضاق وقد جاءا معا قدم العطشان لحرمة الروح، فإن استويا في العطش أو في غيره أقرع بينهما، وليس للقارع أن يقدم دوابه على الآدميين، بل إذا استووا استؤنفت القرعة بين الدواب. ولا يحمل على القرعة المتقدمة لأنهما جنسان، وإن جاءا مترتبين قدم السابق بقدر كفايته إلا أن يكون مستقيا لدوابه والمسبوق عطشان فيقدم المسبوق. والمراد بالمباح ما لا مالك له، واحترز به عن الماء المملوك وسيذكره.
فرع: كل أرض وجد في يد أهلها نهر لا تسقى تلك الأرض إلا منه ولم يدر أنه حفر أو انحفر حكم لهم بملكه لأنهم أصحاب يد وانتفاع. والظاهر كما قال الأذرعي أن صورة المسألة أن يكون منبعه من أراضيهم المملوكة لهم، أما لو كان منعه بموات أو كان يخرج من نهر عام كدجلة فلا، بل هو باق على الإباحة. قال الزركشي: ولو كان على الماء المباح قاطنون فأهل النهر أولى به، قاله أبو الطيب. وفي معنى ذلك حافات المياه التي يعم جميع الناس الارتفاق بها فلا يجوز تملك شئ منها بإحياء ولا بابتياع من بيت المال ولا غيره، وقد عمت البلوى بالأبنية على حافات النيل كما عمت بالقرافة مع أنها مسبلة اه‍. وقد مرت الإشارة إلى بعض ذلك. (فإن أراد قوم سقي أراضيهم) بفتح الراء بلا ألف بعدها، (منها) أي المياه المباحة، (فضاق) الماء عنهم وبعضها أعلى من بعض، (سقي الاعلى فالأعلى) ولو كان زرع الأسفل قبل أن ينتهي الماء إليه، فلا يجب على من فوقه إرساله إليه كما قاله أبو الطيب. (وحبس كل واحد) منهم (الماء حتى يبلغ الكعبين) لأنه (ص) قضى بذلك رواه أبو داود بإسناد حسن، وهذا ما عليه الجمهور. وقال
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429