فهو معتبر في حريم الموات. (وحريم الدار) المبنية (في الموات مطرح رماد وكناسة وثلج) في بلد يثلج فيه للحاجة إلى ذلك.
(وممر في صوب الباب) ليتوقف الانتفاع بها عليه، والمراد بصوب الباب جهته، وليس المراد منه استحقاقه قبالة الباب على امتداد الموات بل لغيره إحياء ما في قبالة الباب إذا ألقى له ممرا، ولو احتاج إلى انعطاف وازورار. وفناء جدران الدار وهو ما حواليها من الخلاء المتصل بها ليس حريما لها في أوجه وجهين نقله ابن الرفعة عن النص والزركشي عن الأكثرين، ولكن يمنع من حفر بئر بقربها ومن سائر ما يضر بها كإلصاق جداره أو رمله بها لأنه تصرف بما يضر ملك غيره. (وحريم آبار القناة) المحياة، (ما لو حفر فيه) أي الحريم، (نقص ماؤها أو خيف) عليها (الانهيار) أي السقوط. ويختلف ذلك باختلاف الأراضي صلابة ولينا، ولا يحتاج إلى موقف نازح ولا شئ مما مر في بئر الاستقاء بل إلى حفظها وحفظ مائها. أما لو حفر بئرا في ملكه ثم حفر آخر بئرا في ملكه فلا يمنع وإن نقص ماء غيره، والفرق أن الحفر في الابتداء تملك فلا يمكن منه إذا تضرر به الغير، وهنا كل متصرف في ملكه فلا يمنع منه.
تنبيه: ما جعله المصنف حريما هو بالنسبة إلى حفر الآبار لا مطلقا، فإنه يجوز لغيره أن يبني في الحريم المذكور كما قاله الزركشي. ومحله أيضا إذا انتهى الموات إليه فإن كان ثم ملك قبل تمام حد الحريم فالحريم إلى انتهاء الموات. وضبط المصنف بخطه آبار بهمزة بعد الموحدة الساكنة، ويجوز تقديم الهمزة على الموحدة وقلبها ألفا، قال الجار بردي: والأول أكثر استعمالا. (والدار المحفوفة بدور) بأن أحييت كلها معا، (لا حريم لها) إذ ليس جعل موضع حريما لدار أولى من جعله حريما لاخرى.
تنبيه: قوله: المحفوفة ليس بقيد بل مثلها كل ما لا موات حوله، ومنه غير المحفوفة إذا كانت بطريق نافذ كما قاله الرافعي في باب بيع الأصول والثمار لأنه لعامة المسلمين، بخلاف ما إذا كانت في غير نافذ. (ويتصرف كل واحد) من الملاك (في ملكه على العادة) في التصرف وإن تضرر به جاره أو أدى إلى إتلاف ماله، كمن حفر بئر ماء أو حش فاختل به جدار جاره أو تغير بما في الحش ماء بئره، لأن في منع المالك من التصرف في ملكه مما يضر جاره ضررا لا جابر له.
(فإن تعدى) بأن جاوز العادة في التصرف، (ضمن) ما تعدى فيه لافتئاته. (والأصح أنه يجوز) للشخص (أن يتخذ داره المحفوفة بمساكن حماما) ولفظه مذكر، وطاحونة ومدبغة (واصطبلا) وفرنا (وحانوته في البزازين حانوت حداد) وقصار ونحو ذلك كأن يجعله مدبغة. لكن (إذا احتاط وأحكم الجدران) إحكاما يليق بما يقصده، لأنه يتصرف في خالص ملكه وفي منعه إضرار به. والثاني: المنع للاضرار به. ورد بأن الضرر لا يزال بالضرر. وعلى الأول لو فعل ما الغالب فيه ظهور الخلل في حيطان الجار كدق عنيف يزعج الحيطان، أو حبس الماء في ملكه بحيث تسري النداوة إلى جدار الجار فالأصح المنع. والحاصل كما قاله الزركشي منع ما يضر الملك دون المالك، ويستثنى منه ما تقدم قريبا من أنه لو حفر بئرا في ملكه يلزم من حفره سقوط جدار جاره أنه يجوز له. واستثنى بعضهم من ذلك أيضا ما لو كان له دار في سكة غير نافذة فليس له جعلها مسجدا ولا حماما ولا حانوتا ولا سبيلا إلا بإذن الشركاء كما قال شيخنا، وفيه نظر. ووجهه أن الشخص لا يمنع من التصرف في ملكه، وهذا هو المعتمد كما مر في باب الصلح. ولو دق فاهتز الجدار فانكسر ما كان معلقا فيه، قال العراقيون: فإن سقط في حالة الدق ضمن وإلا فلا، وقال القاضي: لا ضمان في الحالين، وهذا هو الظاهر.
تنبيه: لو أخر المصنف قوله: فإن تعدى ضمن عن قوله الأصح إلخ لكان أولى. (ويجوز إحياء موات الحرم)