إيجار أحد عبديه، ولا إجارة الغائب ولا إجارة مدة غير مقدرة، واستثنى من ذلك دخول الحمام فإنه جائر بالاجماع كما حكاه في المجموع في باب بيع الغرر مع اختلاف حال الداخلين في المكث واستعمال الماء، والأصح أن الذي يأخذه الحمامي أجرة الحمام وما يسكب به الماء والإزار وحفظ الثياب. أما الماء فغير مضبوط على الداخل، والحمامي أجير مشترك لا يضمن على المذهب، وقيل إن الذي يأخذه ثمن الماء وأجرة الحمام وما يسكب به وحفظ الثياب، وصححه السبكي تبعا لابن أبي عصرون. ثم إن لم يكن للعين المعينة سوى منفعة واحدة كالبساط للفرش حمل الاطلاق عليها وإن كان له منافع كالأرض والدابة جبت البيان كما قال (ثم تارة تقدر) المنفعة (بزمان) فقط (كدار) أي كإجارة دار وثوب وإناء (سنة) معينة متصلة بالعقد فيقول: أجرتك هذه الدار بالسكنى سنة. فإن قال على أن تسكنها لم يصح كما في البحر ولو أجره شهرا مثلا، وأطلق صح وجعل ابتداء المدة من حينئذ، لأنه المفهوم المتعارف. وإن قال ابن الرفعة: لابد أن يقول من الان ولا تصح إجارة شهر من هذه السنة وبقى أكثر من شهر للابهام. فإن لم يبق فيها غيره صح، وقوله أجر تك من هذه السنة كل شهر بدرهم أو أجرتك كل شهر منها بدرهم فاسد. لأنه لم يعين فيها مدة. فإن قال أجرتك هذه السنة كل شهر بدرهم صح، لأنه أضاف الإجارة إلى جميع السنة بخلافه في الصورة السابقة. ولو قال: أجرتك هذا الشهر بدينار وما زاد فبحسابه صح في الشهر الأول. قال في المجموع: وأجمعوا على جواز الإجارة شهرا مع أنه قد يكون ثلاثين يوما. وقد يكون تسعة وعشرين. قال الزركشي: قال الزركشي: لكن إذا أجره شهرا معينا بثلاثين درهما كل يوم منه بدرهم فجاء الشهر تسعة وعشرين بطل كما لو باع الصبرة بمائة درهم كل صاع بدرهم فخر جت تسعين مثلا (وتارة) تقدر (بعمل) أن محله من غير مدة (كدابة) معينة أو موصوفة للركوب (إلى مكة) مثلا (وكخياطة ذا لثوب) المعين. لأن هذه المنافع معلومة في أنفسها فلم تفتقر إلى تقدير المدة.
(تنبيه) قد يوهم كلامه تعين التقدير بالعمل في ذلك وليس مرادا: بل يجوز تقديره بالزمان أيضا فيقول: أجرني هذه الدابة لأركبها إلى موضع كذا أو لأركبها شهر أو أجرى عبدك ليحفظ لي هذا الثوب أو يخيط لي شهرا. وفى البيان وغيره: من كتب العراقيين المنافع ثلاثة أقسام: قسم لا تقدر فيه المنفعة إلا بالمدة كالعقار والرضاع والتطيين والتجصيص لأن منافع العقار وتقدير اللبن إنما ينضبط بالزمان، وسمك والتجصيص لا ينضبط رقة وثخانة. وكما في الاكتحال فإن قدر الدواء لا ينضبط ويختلف بحسب الحاجة وتقدر المداواة لا بالبرء والعمل. فإن برئ قبل تمام المدة انفسخت الإجارة في الباقي. وقسم لا تقدر فيه المنفعة إلا بالعمل كبيع الثوب الحج وقبض شئ من فلان. وقسم يجوز فيه الأمران كالدابة والخياطة، بل يشترط أن يبين الثوب وما يريد به من قميص أو غيره والطول والعرض وأن يبين الخياطة أهي ولا محلا للخياطة، بل يشترط أن يبين الثوب وما يريد به من قميص أو غيره والطول والعرض وأن يبين الخياطة أهي رومية أو فارسية إلا أن تطرد عادة بنوع فيحمل المطلق عليه. قال في الروضة: الرومي بغرزتين والفارسي بغرزة، فلو أعطاه ثوبا وقال إن خطته روميا فلك درهم وان خطته فارسيا فنصفه لم يصح العقد للابهام، فإن خاطه كيف اتفق كان له أجره المثل.
(تنبيه) تارة نصبت على المصدر، ومعناها الوقت والحين، والعامل فيه مقدر ويجمع على تارات كساعة وساعات وفسرها الجوهري بالمرة (فلو جمعهما) أي الزمان والعمل (فاستأجره) أي شخصا (ليخيطه) أي الثوب (بياض النهار لم يصح في الأصح) للغرر فقد يتقدم العمل أو يتأخر كما لو أسلم في قفيز حنطة بشرط كون وزنه كذا لا يصح لاحتمال أن يزيد أو ينقص، وبهذه اندفع ما قاله السبكي من أنه لو كان الثوب صغير يقطع بفراغه في اليوم فإنه يصح، ومر أنه لو قصد التقدير، بالعمل وذكر اليوم: أي شرطه للتعجيل فينبغي أن يصح. والثاني يصح إذ المدة مذكورة للتعجيل فلا تورث للفساد، وهذا بحث للسبكي (ويقدر تعلم للقرآن بمدة) كشهر كما لو استأجر خياطا ليخيط له شهرا، وقيل