وسكت المصنف عن التفريع على القديم. (وإن اشترى) هذا الثاني (بعين مال القراض فباطل) شراؤه على الجديد القائل ببطلان شراء الفضولي، وأما القديم المقابل له فقائل بالوقف. هذا كله إن بقي المال، فإن تلف في يد العامل الثاني وعلم بالحال فغاصب فقرار الضمان عليه، وإن جهل فعلى العامل الأول. (ويجوز أن يقارض) في الابتداء المالك (الواحد اثنين) كزيد وعمرو (متفاضلا ومتساويا) فيما شرط لهما من الربح، فيشترط لزيد ثلث الربح ولعمرو سدسه أو يشرط لهما بالسوية بينهما لأن عقد الواحد مع اثنين كعقدين، وعند التفاضل لا بد أن يعين مستحق الأكثر كما مثلنا.
هذا إذا أثبت لكل منهما الاستقلال، فإن شرط على كل واحد مراجعة الآخر قال الإمام: لم يجز، قال الرافعي: ولم أر أن الأصحاب يساعدونه عليه، قال في المهمات: والامر كذلك، وقال البلقيني: ما قاله الإمام الأصحاب يساعدونه عليه فالوجه القطع به فإن من شرط القراض الاستقلال بالتصرف وهنا ليس كذلك اه. وهذا هو الظاهر. (و) يجوز أيضا أن يقارض (الاثنان) عاملا (واحدا) لأن ذلك كعقد واحد، ثم إن تساويا فيما شرط فذاك، وإن تفاوتا كأن شرط أحدهما النصف والآخر الربع فإن أيهما لم يجز، أو عينا جاز إن علم بقدر ما لكل منهما. (و) يكون (الربح بعد نصيب العامل بينهما) أي المالكين (بحسب المال) فإن كان مال أحدهما ألفين والآخر ألفا وشرط للعامل نصف الربح اقتسما نصفه الآخر بينهما أثلاثا على نسبة ماليهما، فإن شرطا غير ما تقتضيه النسبة فسد العقد لما فيه من شرط الربح لمن ليس بمالك ولا عامل. (وإذا فسد القراض نفذ تصرف العامل) للاذن فيه كما في الوكالة الفاسدة، وليس كما لو فسد البيع لا ينفذ تصرف المشتري، لأنه إنما يتصرف بالملك ولا ملك في البيع الفاسد. هذا إذا قارضه المالك بماله، أما إذا قارضه بمال غيره بوكالة أو ولاية فلا كما قاله الأذرعي. (والربح) كله حين الفساد (للمالك) لأنه نماء ملكه وعليه الخسران أيضا. (وعليه للعامل أجرة مثل عمله) وإن لم يكن ربح، لأنه عمل طامعا في المسمى، فإذا فات وجب رد عمله عليه وهو متعذر فتجب قيمته وهي الأجرة، وقيل: لا يستحق أجرة عند عدم الربح، وهو القياس لأن القراض الصحيح لا يستحق فيه شيئا عند عدم الربح.
تنبيه: ظاهر كلامهم أنه يستحق الأجرة سواء أعلم بالفساد أم لا. قال السبكي: ولعل سببه أنه أذن أن يعمل بعوض فلا يحبط عمله. (إلا إذا قال) المالك (قارضتك وجميع الربح لي) وقبل العامل (فلا شئ له في الأصح) لأنه عمل مجانا غير طامع في شئ. والثاني: له أجرة المثل كسائر أسباب الفساد، وصححه ابن الرفعة. (ويتصرف العامل محتاطا) في تصرفه كالوكيل، وحينئذ يجب عليه أن يحبس المبيع حتى يقبض الثمن الحال. و (لا) يتصرف (بغبن) فاحش في بيع أو شراء، (ولا نسيئة) في ذلك (بلا إذن) من المالك في الغبن والنسيئة، لأنه في الغبن يضر بالمالك وفي النسيئة ربما هلك رأس المال فتبقى العهدة متعلقة بالمالك فيتضرر أيضا، فإن أذن جاز، ويجب الاشهاد في البيع نسيئة. وقياس ما مر في الوكالة بأداء الدين ونحوه الاكتفاء بشاهد واحد وبمستور، قاله الأسنوي، فإن ترك الاشهاد ضمن. قال الأذرعي: ويجب أن يكون البيع من ثقة ملئ كما مر في بيع المحجور. وفي الثمن الحال لا يلزمه الاشهاد لعدم جريان العادة به في البيع الحال، ويحبس المبيع إلى قبض الثمن كما مر. فإن سلم المبيع قبل قبض الثمن ضمن إلا أن يأذن له الملك في ذلك فلا يضمن للاذن. قال الماوردي: ولا يجوز عند الاذن بالنسيئة أن يشتري أو يبيع سلما، لأن عقد السلم أكثر غررا، نعم إن أذن له في الشراء سلما جاز أو في البيع سلما لم يجز بينهما بوجود الحظ غالبا في الشراء دون البيع، والأوجه كما قال شيخنا جوازه في صورة البيع أيضا لوجود الرضا من الجانبين. وليس له أن