مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣٢٣
يحسن ويتفرغ قد لا يملك الأشجار فيحتاج ذاك إلى الاستعمال وهذا إلى العمل، ولو اكترى المالك لزمته الأجرة في الحال وقد لا يحصل له شئ من الثمار ويتهاون العامل فدعت الحاجة إلى تجويزها. وأركانها خمسة: عاقد، ومورد العمل، والثمار، والعمل، والصيغة. ثم شرع في شرط الركن الأول فقال: (تصح من جائز التصرف) لنفسه لأنها معاملة على المال كالقراض.
تنبيه: لو قال: إنما تصح لكان أولى ليفيد الحصر. (ولصبي ومجنون) وسفيه (بالولاية) عليهم عند المصلحة للاحتياج إلى ذلك.
تنبيه: لو عبر بالمحجور عليه لكان أخصر وأحصر لشموله ما قدرته. وهذا الشرط يعتبر أيضا في العامل، وفي معنى الولي ناظر الوقف، وكذا الإمام في بساتين بيت المال، وما لا يعرفه مالكه، وكذا بساتين الغائب كما قاله الزركشي، قال: ومقتضى كلام الماوردي أنه ليس لعامل القراض المساقاة فإن عمله في حق المالك لا في حق نفسه بخلاف المساقي.
ثم شرع في الركن الثاني، وهو مورد العمل، فقال: (وموردها) أصالة: أي ما ترد صيغة عقد المساقاة عليه، (النخل) للخبر السابق، ولو ذكورا كما اقتضاه إطلاق المصنف وصرح به الخفاف، ويشترط فيه أن يكون مغروسا معينا مرئيا. (و) مثله (العنب) لأنه في معنى النخل بجامع وجوب الزكاة وتأتي الخرص.
تنبيه: إنما لم يقل الكرم بدل العنب لورود النهي عن تسميته به، قال (ص): لا تسموا العنب كرما، إنما الكرم الرجل المسلم رواه مسلم. قيل: سمي كرما من الكرم بفتح الراء لأن الخمر المتخذة منه تحمل عليه، فكره أن يسمى به وجعل المؤمن أحق بما يشتق من الكرم، يقال رجل كرم بإسكان الراء وفتحها: أي كريم. وثمرات النخل والأعناب أفضل الثمار وشجرهما أفضل الشجر بالاتفاق. واختلفوا في أيهما أفضل، والراجح أن النخل أفضل لورود:
أكرموا عماتكم النخل المطعمات في المحل، وإنها خلقت من طينة آدم. والنخل مقدم على العنب في جميع القرآن، ومر في زكاة الفطر أن التمر خير من الزبيب. وشبه (ص) النخلة بالمؤمن وأنها تشرب برأسها وإذا قطع ماتت وينتفع بأجزائها، وهي الشجرة الطيبة المذكورة في القرآن فكانت أفضل. وليس في الشجر شجر فيه ذكر وأنثى يحتاج الأنثى فيه إلى الذكر سواه، وشبه (ص) عين الدجال بحبة العنب لأنها أصل الخمرة وهي أم الخبائث. (وجوزها القديم في سائر الأشجار المثمرة) كالتين والتفاح للحاجة، واختاره المصنف في تصحيح التنبيه، والجديد المنع لأنها رخصة فنختص بموردها، ولأنه لا زكاة في ثمرها فأشبهت غير المثمرة، ولأنها تنمو من غير تعهد بخلاف النخل والعنب. وعلى المنع لو كانت هذه الأشجار بين النخل أو العنب فساقي عليها معه تبعا جاز، وإن كانت كثيرة كما هو مقتضى كلام الروضة، وإن قيدها الماوردي بالقليلة كما تجوز المزارعة تبعا للمساقاة.
تنبيه: احترز المصنف بالأشجار وهي ما لها ساق عما لا ساق له كالبطيخ وقصب السكر، وبالمثمرة عن غيرها كالتوت الذكر، وما لا يقصد ثمره كالصنوبر، فلا تجوز المساقاة عليه على القولين، وعلى الجديد لا تجوز على المقل على الأصح في الروضة، وإن قال في المهمات: الفتوى على الجواز. فإن قيل: قد قلتم غير الشجر هو الذي لا ساق له، وقد قال تعالى: * (وأنبتنا عليه شجرة من يقطين) *. أجيب بأنها كانت شجرة على خلاف العادة في القرع معجزة لسيدنا يونس صلى الله عليه وعلى سائر الأنبياء وسلم، كما كانت تأتيه وعلة صباحا ومساء يشرب من لبنها حتى قوي. (ولا تصح المخابرة، وهي عمل) العامل في (الأرض) أي المعاملة عليها كما عبر به في المحرر، ولو عبر به لكان أولى لأن العمل من وظيفة العامل فلا يفسر العقد به. (ببعض ما يخرج منها) كنصف (والبذر من العامل، ولا) تصح (المزارعة
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429