يشتري شيئا بثمن مثله وهو لا يرجو حصول ربح فيه، لأن الاذن لا يقتضيه، قاله الماوردي، ولا يشتري بغير جنس رأس المال. قال الماوردي: ولو شرط على العامل البيع المؤجل دون الحال فسد العقد. (وله البيع بعرض) لأن الغرض الربح، وقد يكون فيه بخلاف الوكيل. وأما البيع بغير نقد البلد فلا يجوز كما صرح به جمع منهم الروياني والمحاملي، وفرق السبكي بأن نقد غير البلد لا يروج فيها فيتعطل الربح بخلاف العرض. وله شراء المعيب ولو بقيمته معيبا عند المصلحة، وليس له ولا للمالك رده بالعيب. (وله) أي العامل عند الجهل (الرد بعيب تقتضيه) أي الرد (مصلحة) وإن رضي المالك، لأن للعامل حقا في المال فلا يمنع منه رضا المالك بخلاف الوكيل لأنه لا حق له في المال.
تنبيه: اعترض تعبير المصنف بأن جملة تقتضيه مصلحة لا تصح كونها صفة للرد لأنه معرفة والجملة في معنى النكرة، ولا كونها حالا من الرد لأنه مبتدأ ولا يجئ الحال منه عند الجمهور، ولا حالا من الضمير العائد على الرد المستتر في الجار والمجرور الواقع خبرا لتقدمه على المبتدأ ولا يتحمل حينئذ ضميرا عند سيبويه. أجيب إما بجعل لام الرد للجنس فيكون في معنى النكرة فيصح وصفه بجملة تقتضيه، فهو كقوله تعالى: وآية لهم الليل نسلخ منه النهار وإما بجعل الجملة صفة عيب، والتقدير: بعيب يقتضي الرد به مصلحة حينئذ فلم توصل النكرة إلا بنكرة. وإما بصحة مجئ الحال من المبتدأ كما صرح به ابن مالك في كتاب له يسمى سبك المنظوم تبعا لسيبويه. وإما بجعل الرد فاعلا بالظرف وإن لم يعتمد كما ذهب إليه الأخفش وغيره وإن منعه سيبويه، وحينئذ يصح مجئ الحال منه، والشارح اقتصر على الجواب الأول. (فإن اقتضت) المصلحة (الامساك) للمعيب (فلا) يرده العامل (في الأصح) لاخلاله بمقصود العقد. والثاني: له الرد كالوكيل. وأجا ب الأول بأن الوكيل ليس له شراء المعيب بخلاف العامل إذا رأى فيه ربحا كما مر فلا يرد ما فيه مصلحة بخلاف الوكيل، فإن استوى الرد والامساك كان له الرد قطعا كما قاله في البسيط، ويجب على العامل مراعاة المصلحة في الرد والامساك. وتعبير المصنف بالمصلحة أولى من تعبير الروضة بالغبطة، وهي الزيادة على القيمة زيادة لها بال، ولا يشترط ذلك. (وللمالك الرد) لما اشتراه العامل معيبا حيث جاز للعامل الرد وأولى لأنه مالك الأصل. (فإن اختلفا) أي المالك والعامل في الرد والامساك، (عمل بالمصلحة) في ذلك، لأن كلا منهما له حق. قال في الاستقصاء: ويتولى الحاكم ذلك. فإن استوى الأمران قال في المطلب: يرجع إلى العامل إن جوزنا له شراء المعيب بقيمته، أي وهو الأصح كما مر إن رأى فيه مصلحة.
تنبيه: حيث ينقلب العقد للوكيل فيما مر في الوكالة ينقلب للعامل هنا. (ولا يعامل) العامل (المالك) بمال القراض لأنه يؤدي إلى بيع ماله بماله، ولا فرق في ذلك بين أن يظهر في المال ربح أو لا، فإن عامله بغيره صح.
ولو كان له عاملان كل واحد منهما منفرد بمال فهل لأحدهما الشراء من الآخر؟ فيه وجهان في العدة والبيان، أصحهما لا. (ولا يشتري للقراض بأكثر من رأس المال) وربحه لأن المالك لم يرض بأن يشغل العامل ذمته إلا بذلك، فإن فعل لم يقع الزائد لجهة القراض. فلو كان رأس المال وحده أو مع ربحه مائة فاشترى عبدا بمائة ثم اشترى آخر بعين المائة فالثاني باطل سواء اشترى الأول بالعين أم في الذمة، لأنه إن اشتراه بالعين فقط صارت ملكا للبائع بالعقد الأول، فإن اشترى في الذمة فقد صارت مستحقة الصرف لعقد الأول، وإن اشترى الثاني في الذمة وقع للعامل حيث يقع للوكيل إذا خالف. (ولا) يشتري (من يعتق على المالك) لكونه أصله أو فرعه أو كان أقر بحريته أو كان أمة مستولدة له وبيعت لكونها مرهونة. هذا إذا كان (بغير إذنه) في ذلك، لأن مقصود العقد تحصيل الربح وهذا خسران كله، بخلاف الوكيل في شراء عبد غير معين فإنه يصح أن يشتري للموكل من لا يعتق عليه ويعتق عن الموكل لقرينة قصد