مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٣١٦
يشتري شيئا بثمن مثله وهو لا يرجو حصول ربح فيه، لأن الاذن لا يقتضيه، قاله الماوردي، ولا يشتري بغير جنس رأس المال. قال الماوردي: ولو شرط على العامل البيع المؤجل دون الحال فسد العقد. (وله البيع بعرض) لأن الغرض الربح، وقد يكون فيه بخلاف الوكيل. وأما البيع بغير نقد البلد فلا يجوز كما صرح به جمع منهم الروياني والمحاملي، وفرق السبكي بأن نقد غير البلد لا يروج فيها فيتعطل الربح بخلاف العرض. وله شراء المعيب ولو بقيمته معيبا عند المصلحة، وليس له ولا للمالك رده بالعيب. (وله) أي العامل عند الجهل (الرد بعيب تقتضيه) أي الرد (مصلحة) وإن رضي المالك، لأن للعامل حقا في المال فلا يمنع منه رضا المالك بخلاف الوكيل لأنه لا حق له في المال.
تنبيه: اعترض تعبير المصنف بأن جملة تقتضيه مصلحة لا تصح كونها صفة للرد لأنه معرفة والجملة في معنى النكرة، ولا كونها حالا من الرد لأنه مبتدأ ولا يجئ الحال منه عند الجمهور، ولا حالا من الضمير العائد على الرد المستتر في الجار والمجرور الواقع خبرا لتقدمه على المبتدأ ولا يتحمل حينئذ ضميرا عند سيبويه. أجيب إما بجعل لام الرد للجنس فيكون في معنى النكرة فيصح وصفه بجملة تقتضيه، فهو كقوله تعالى: وآية لهم الليل نسلخ منه النهار وإما بجعل الجملة صفة عيب، والتقدير: بعيب يقتضي الرد به مصلحة حينئذ فلم توصل النكرة إلا بنكرة. وإما بصحة مجئ الحال من المبتدأ كما صرح به ابن مالك في كتاب له يسمى سبك المنظوم تبعا لسيبويه. وإما بجعل الرد فاعلا بالظرف وإن لم يعتمد كما ذهب إليه الأخفش وغيره وإن منعه سيبويه، وحينئذ يصح مجئ الحال منه، والشارح اقتصر على الجواب الأول. (فإن اقتضت) المصلحة (الامساك) للمعيب (فلا) يرده العامل (في الأصح) لاخلاله بمقصود العقد. والثاني: له الرد كالوكيل. وأجا ب الأول بأن الوكيل ليس له شراء المعيب بخلاف العامل إذا رأى فيه ربحا كما مر فلا يرد ما فيه مصلحة بخلاف الوكيل، فإن استوى الرد والامساك كان له الرد قطعا كما قاله في البسيط، ويجب على العامل مراعاة المصلحة في الرد والامساك. وتعبير المصنف بالمصلحة أولى من تعبير الروضة بالغبطة، وهي الزيادة على القيمة زيادة لها بال، ولا يشترط ذلك. (وللمالك الرد) لما اشتراه العامل معيبا حيث جاز للعامل الرد وأولى لأنه مالك الأصل. (فإن اختلفا) أي المالك والعامل في الرد والامساك، (عمل بالمصلحة) في ذلك، لأن كلا منهما له حق. قال في الاستقصاء: ويتولى الحاكم ذلك. فإن استوى الأمران قال في المطلب: يرجع إلى العامل إن جوزنا له شراء المعيب بقيمته، أي وهو الأصح كما مر إن رأى فيه مصلحة.
تنبيه: حيث ينقلب العقد للوكيل فيما مر في الوكالة ينقلب للعامل هنا. (ولا يعامل) العامل (المالك) بمال القراض لأنه يؤدي إلى بيع ماله بماله، ولا فرق في ذلك بين أن يظهر في المال ربح أو لا، فإن عامله بغيره صح.
ولو كان له عاملان كل واحد منهما منفرد بمال فهل لأحدهما الشراء من الآخر؟ فيه وجهان في العدة والبيان، أصحهما لا. (ولا يشتري للقراض بأكثر من رأس المال) وربحه لأن المالك لم يرض بأن يشغل العامل ذمته إلا بذلك، فإن فعل لم يقع الزائد لجهة القراض. فلو كان رأس المال وحده أو مع ربحه مائة فاشترى عبدا بمائة ثم اشترى آخر بعين المائة فالثاني باطل سواء اشترى الأول بالعين أم في الذمة، لأنه إن اشتراه بالعين فقط صارت ملكا للبائع بالعقد الأول، فإن اشترى في الذمة فقد صارت مستحقة الصرف لعقد الأول، وإن اشترى الثاني في الذمة وقع للعامل حيث يقع للوكيل إذا خالف. (ولا) يشتري (من يعتق على المالك) لكونه أصله أو فرعه أو كان أقر بحريته أو كان أمة مستولدة له وبيعت لكونها مرهونة. هذا إذا كان (بغير إذنه) في ذلك، لأن مقصود العقد تحصيل الربح وهذا خسران كله، بخلاف الوكيل في شراء عبد غير معين فإنه يصح أن يشتري للموكل من لا يعتق عليه ويعتق عن الموكل لقرينة قصد
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429