الرد بالعيب الاكتفاء به، وهو كما قال الزركشي الأقرب، وبه جزم ابن كج في التجريد. (فإن ترك) الشفيع (المقدور عليه منهما) أي التوكيل والاشهاد في محله وترتيبه، (بطل حقه في الأظهر) لتقصيره في الأولى ولاشعار السكوت مع التمكن من الاشهاد بالرضا في الثانية. والثاني: لا يبطل، لأنه قد يلحقه في الأولى منه أو مؤنة، وفي الثانية أن الاشهاد إنما هو لاثبات الطلب عند الحاجة.
تنبيه: مقتضى كلامه تعين التوكيل في الغيبة، وليس مرادا، ففي فتاوى البغوي: أنه لو كان الشفيع غائبا فحضر عند قاضي بلد الغيبة وأثبت الشفعة وحكم له بها ولم يتوجه إلى بلد البيع أو الشفعة لا تبطل لأنها تقررت بحكم القاضي، قال السبكي: فثبت أن الغائب مخير بين التوكيل وبين الرفع إلى الحاكم، وقياسه كذلك إذا كان الشفيع حاضرا والمشتري غائبا.
ولو خرج بنفسه لم يكلف التوكيل كما صرح به الدارمي، فهو مخير بين المبادرة بنفسه وبوكيله مع القدرة. ولا يختص التوكيل بحالة المرض ونحوها، وإنما اقتصر المصنف وغيره على التوكيل عند العجز لأن التوكيل حينئذ يتعين طريقا، لا لأنه يمتنع مع القدرة على الطلب بنفسه. وحيث ألزمناه الاشهاد فلم يقدر عليه لم يلزمه أن يقول تملكت الشقص كما مر أنه الأصح في الرد بالعيب. (فلو) علم الحاضر بالبيع، و (كان في صلاة أو حمام أو طعام) أو قضاء حاجة، (فله الاتمام) ولا يكلف قطعها.
ولا يلزمه الاقتصار في الصلاة على أقل ما يجزئ، أي بل له أن يستوفي المستحب، فإن زاد عليه فالذي يظهر أنه لا يكون عذرا. ولو حضر وقت الصلاة أو الطعام أو قضاء الحاجة جاز له أن يقدمها، وأن يلبس ثوبه فإذا فرغ طالبه بالشفعة وإن كان في ليل فحتى يصبح. ولو لقي الشفيع المشتري في غير بلد الشقص فأخر الاخذ إلى العودة إلى بلد الشقص بطلت شفعته لاستغناء الاخذ عن الحضور عند الشقص. (ولو أخر) الطلب لهما (وقال: لم أصدق المخبر) ببيع الشريك الشقص، (لم يعذر) جزما (إن أخبره عدلان) أو عدل وامرأتان بذلك، لأنها شهادة مقبولة. (وكذا) إن أخبره (ثقة) حر أو عبد أو امرأة (في الأصح) لأنه إخبار وإخبار الثقة مقبول. والثاني: يعذر، لأن البيع لا يثبت بالواحد. (ويعذر إن أخبره من لا يقبل خبره) كفاسق وصبي لأنه معذور، وهذا إذا لم يبلغ المخبرون للشفيع حد التواتر، فإن بلغوا ولو صبيانا أو كفارا أو فساقا بطل حقه. ولو قال فيما إذا أخبره عدلان: جهلت ثبوت عدالتهما، وكان يجوز أن يخفى عليه ذلك، قبل قوله، لأن رواية المجهول لا تسمع، قاله ابن الرفعة. ولو قال: أخبرني رجلان وليسا عدلين عندي وهما عدلان لم تبطل شفعته، لأن قوله محتمل. (ولو أخبر) الشفيع (بالبيع بألف فترك) الشفعة (فبان) بأقل، كأن بان (بخمسمائة بقي حقه) في الشفعة لأنه لم يتركه زهدا بل للغلاء فليس مقصرا، ويبقى حقه أيضا لو كذب عليه في تعيين المشتري أو عدده أو قدر المبيع أو جنس الثمن أو نوعه أو حلوله أو قصر أجله فترك. (وإن بان بأكثر) مما أخبر به أو أخبر ببيع جميعه بألف فبان أنه باع بعضه بألف، (بطل) حقه، لأنه إذا لم يرغب فيه بالأقل فبالأكثر أولى، ويبطل أيضا لو أخبر ببيع الشقص بكذا مؤجلا فترك فبان حالا، لأنه متمكن من التعجيل إن كان يقصده. (ولو لقي) الشفيع (المشتري فسلم عليه) أو سأل عن الثمن، (أو قال) له: (بارك الله) لك (في صفقتك لم يبطل) حقه. أما في الأولى فلان السلام سنة قبل الكلام، وأما في الثانية فلان جاهل الثمن لا بد له من معرفته وقد يريد العارف إقرار المشتري، وأما في الثالثة فلانه قد يدعو بالبركة ليأخذ صفقة مباركة، وكذا لو جمع بين السلام والدعاء كما اقتضاه كلام المحاملي في التجريد. (وفي الدعاء وجه) أنه يبطل به حق الشفعة لاشعاره بتقرير بيعه. وهذا الخلاف كما قال الأسنوي إذا زاد لفظة لك كما قدرته في كلامه. (ولو باع الشفيع حصته) أو أخرجها عن ملكه بغير بيع كهبة