بأنها معاوضة والغرر لا يحتمل فيها. فرع: يحرم إعارة السلاح والخيل للحربي، والمصحف وما في معناه للكافر، وإعارة الصيد للمحرم، فإن استعاره فتلف في يده ضمن الجزاء لله تعالى والقيمة لمالكه. ولو استعار حلال من محرم فتلف في يده لم يضمنه له لأنه غير مالك، وعلى المحرم الجزاء لله تعالى لأنه متعد بالإعارة إذ يلزمه إرساله. ويجوز إعارة فحل للضراب وكلب للصيد، لأنها تبرع بخلاف الإجارة فإنها معاوضة. ولو أعاره شاة أو دفعها له وملكه درها ونسلها لم يصح، وإلا لم يضمن آخذها الدر والنسل لأنه أخذها بهبة فاسد، ويضمن الشاة بحكم العارية الفاسدة. فلو أباحهما له أو استعار منه الشاة لأخ ذلك أو الشجرة ليأخذ ثمرها أو البئر ليأخذ ماءها أو الجارية ليأخذ لبنها جاز وكان إباحة للدر والنسل والثمرة والماء واللبن، وعلى هذا قد تكون العارية لاستفادة عين، وليس من شرطها أن يكون المقصود مجرد المنفعة، بخلاف الإجارة، فالشرط في العارية أن لا يكون فيها استهلاك للمعار لا أن لا يكون فيها استيفاء عين. قال الأسنوي: التحقيق أن الدر والنسل ليس مستفادا بالعارية بل بالإباحة، والمستعار هو الشاة لمنفعة، وهي التوصل لما أبيح له، وكذا الباقي اه. وهو كلام متين لم أره لغيره.
فإن ملكه در الشاة ونسلها أو أباحها له وشرط عليه علفها، فهو بيع وإجارة فاسدان، فيضمن الدر والنسل بحكم البيع الفاسد دون الشاة لأنه أخذها بإجارة فاسدة كمن أعطى سقاء شيئا ليشرب فأعطاه كوزا فانكسر في يده فإنه يضمن الماء لأنه أخذ بشراء فاسد دون الكوز لأنه أخذه بإجارة فاسدة، فإن كان الماء أكثر مما يشربه لم يضمن الزائد لأنه في يده أمانة، فإن سقاه مجانا فانكسر الكوز ضمنه لأنه أخذه بإعارة فاسدة دون الماء لأنه أخذه بهبة فاسدة. ثم شرع في شرط الركن الرابع فقال: (والأصح) في ناطق (اشتراط لفظ) في الصيغة، لأن الانتفاع بمال الغير يعتمد إذنه، (كأعرتك) هذا، أو أعرتك منفعته وإن لم يضفه إلى العين كما في نظيره من الإجارة. (أو أعرني) أو خذه لتنتفع به، لأن ذلك يدل على الرضا القلبي فأنيط الحكم به. (ويكفي لفظ أحدهما مع فعل الآخر) كما في إباحة الطعام. ولا يشترط اللفظ من جانب المعير بخلافه في الوديعة فإنها مقبوضة لغرض المالك، وغرضه لا يعلم إلا بلفظ من جانبه، والعارية بالعكس فاكتفي فيها بلفظ المستعير. ولا يكفي الفعل من الطرفين إلا فيما سيأتي استثناؤه.
فرع: لو أضاف شخصا وفرش له لينام فيه وقال: قم ونم فيه فقام، أو فرش بساطا في بيت وقال لآخر: أسكن فيه تمت العارية. والثاني: لا يشترط اللفظ، حتى لو رآه حافيا فأعطاه نعلا أو عاريا فألبسه قميصا أو فرش له مصلى أو وسادة أو نحو ذلك كان ذلك عارية، وهو ما جرى عليه المتولي بناء منه على أنه لا يشترط فيها اللفظ، قال: بخلاف ما لو دخل فجلس على فراش مبسوط لأنه لم يقصد به انتفاع شخص بعينه، والعارية لا بد فيها من تعيين المستعير اه. وعلى الأول يكون ما جرى عليه المتولي إباحة كا جرى عليه ابن المقري لقضاء العرف به، وإن كان في كلام أصله ما يقتضي تقرير المتولي على ما قاله. ويستثنى من اشتراط اللفظ ما إذا اشترى شيئا وسلمه له في ظرف، فالظرف معار في الأصح. وما لو أكل المهدى إليه الهدية في ظرفها فإنه يجوز إن جرت العادة بأكلها منه كأكل الطعام من القصعة المبعوث فيها، وهو معار فيضمنه بحكم العارية، لا إن كان للهدية عوض وجرت العادة بالاكل منه فلا يضمنه بحكم الإجارة الفاسدة، فإن لم تجر العادة بذلك ضمنه في الصورتين بحكم الغصب. قال الأذرعي: ولا خفاء في جواز إعارة الأخرس المفهوم الإشارة واستعارته بها وبكتابته، والظاهر كما قاله ابن شهبة جوازها بالمكاتبة من الناطق كالبيع وأولى بالمراسلة.
فرع: يجوز تعليق الإعارة وتأخير القبول، ففي الروضة وأصلها أنه لو رهنه أرضا وأذن له في غراسها بعد شهر فهي بعد الشهر عارية غرس أم لا وقبله أمانة حتى لو غرس قبله قلع. (ولو قال أعرتكه) أي فرسي مثلا، (لتعلفه ) أو على أن تعلفه بعلفك، (أو لتعيرني فرسك) أو بخمسة دراهم مثلا، (فهو إجارة) نظرا للمعنى، (فاسدة) لجهالة العلف في الأولى والعوض في الثانية والمدة في الثالثة. (توجب أجرة المثل) إذا مضى بعد قبضه زمن لمثله أجرة. وقيل، إنه عارية فاسدة نظرا للفظ فلا تجب الأجرة. وأما العين فمضمونه على الثاني دون الأول، وهذا عند جهل العوضين كما