مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٢٦٦
بأنها معاوضة والغرر لا يحتمل فيها. فرع: يحرم إعارة السلاح والخيل للحربي، والمصحف وما في معناه للكافر، وإعارة الصيد للمحرم، فإن استعاره فتلف في يده ضمن الجزاء لله تعالى والقيمة لمالكه. ولو استعار حلال من محرم فتلف في يده لم يضمنه له لأنه غير مالك، وعلى المحرم الجزاء لله تعالى لأنه متعد بالإعارة إذ يلزمه إرساله. ويجوز إعارة فحل للضراب وكلب للصيد، لأنها تبرع بخلاف الإجارة فإنها معاوضة. ولو أعاره شاة أو دفعها له وملكه درها ونسلها لم يصح، وإلا لم يضمن آخذها الدر والنسل لأنه أخذها بهبة فاسد، ويضمن الشاة بحكم العارية الفاسدة. فلو أباحهما له أو استعار منه الشاة لأخ ذلك أو الشجرة ليأخذ ثمرها أو البئر ليأخذ ماءها أو الجارية ليأخذ لبنها جاز وكان إباحة للدر والنسل والثمرة والماء واللبن، وعلى هذا قد تكون العارية لاستفادة عين، وليس من شرطها أن يكون المقصود مجرد المنفعة، بخلاف الإجارة، فالشرط في العارية أن لا يكون فيها استهلاك للمعار لا أن لا يكون فيها استيفاء عين. قال الأسنوي: التحقيق أن الدر والنسل ليس مستفادا بالعارية بل بالإباحة، والمستعار هو الشاة لمنفعة، وهي التوصل لما أبيح له، وكذا الباقي اه‍. وهو كلام متين لم أره لغيره.
فإن ملكه در الشاة ونسلها أو أباحها له وشرط عليه علفها، فهو بيع وإجارة فاسدان، فيضمن الدر والنسل بحكم البيع الفاسد دون الشاة لأنه أخذها بإجارة فاسدة كمن أعطى سقاء شيئا ليشرب فأعطاه كوزا فانكسر في يده فإنه يضمن الماء لأنه أخذ بشراء فاسد دون الكوز لأنه أخذه بإجارة فاسدة، فإن كان الماء أكثر مما يشربه لم يضمن الزائد لأنه في يده أمانة، فإن سقاه مجانا فانكسر الكوز ضمنه لأنه أخذه بإعارة فاسدة دون الماء لأنه أخذه بهبة فاسدة. ثم شرع في شرط الركن الرابع فقال: (والأصح) في ناطق (اشتراط لفظ) في الصيغة، لأن الانتفاع بمال الغير يعتمد إذنه، (كأعرتك) هذا، أو أعرتك منفعته وإن لم يضفه إلى العين كما في نظيره من الإجارة. (أو أعرني) أو خذه لتنتفع به، لأن ذلك يدل على الرضا القلبي فأنيط الحكم به. (ويكفي لفظ أحدهما مع فعل الآخر) كما في إباحة الطعام. ولا يشترط اللفظ من جانب المعير بخلافه في الوديعة فإنها مقبوضة لغرض المالك، وغرضه لا يعلم إلا بلفظ من جانبه، والعارية بالعكس فاكتفي فيها بلفظ المستعير. ولا يكفي الفعل من الطرفين إلا فيما سيأتي استثناؤه.
فرع: لو أضاف شخصا وفرش له لينام فيه وقال: قم ونم فيه فقام، أو فرش بساطا في بيت وقال لآخر: أسكن فيه تمت العارية. والثاني: لا يشترط اللفظ، حتى لو رآه حافيا فأعطاه نعلا أو عاريا فألبسه قميصا أو فرش له مصلى أو وسادة أو نحو ذلك كان ذلك عارية، وهو ما جرى عليه المتولي بناء منه على أنه لا يشترط فيها اللفظ، قال: بخلاف ما لو دخل فجلس على فراش مبسوط لأنه لم يقصد به انتفاع شخص بعينه، والعارية لا بد فيها من تعيين المستعير اه‍. وعلى الأول يكون ما جرى عليه المتولي إباحة كا جرى عليه ابن المقري لقضاء العرف به، وإن كان في كلام أصله ما يقتضي تقرير المتولي على ما قاله. ويستثنى من اشتراط اللفظ ما إذا اشترى شيئا وسلمه له في ظرف، فالظرف معار في الأصح. وما لو أكل المهدى إليه الهدية في ظرفها فإنه يجوز إن جرت العادة بأكلها منه كأكل الطعام من القصعة المبعوث فيها، وهو معار فيضمنه بحكم العارية، لا إن كان للهدية عوض وجرت العادة بالاكل منه فلا يضمنه بحكم الإجارة الفاسدة، فإن لم تجر العادة بذلك ضمنه في الصورتين بحكم الغصب. قال الأذرعي: ولا خفاء في جواز إعارة الأخرس المفهوم الإشارة واستعارته بها وبكتابته، والظاهر كما قاله ابن شهبة جوازها بالمكاتبة من الناطق كالبيع وأولى بالمراسلة.
فرع: يجوز تعليق الإعارة وتأخير القبول، ففي الروضة وأصلها أنه لو رهنه أرضا وأذن له في غراسها بعد شهر فهي بعد الشهر عارية غرس أم لا وقبله أمانة حتى لو غرس قبله قلع. (ولو قال أعرتكه) أي فرسي مثلا، (لتعلفه ) أو على أن تعلفه بعلفك، (أو لتعيرني فرسك) أو بخمسة دراهم مثلا، (فهو إجارة) نظرا للمعنى، (فاسدة) لجهالة العلف في الأولى والعوض في الثانية والمدة في الثالثة. (توجب أجرة المثل) إذا مضى بعد قبضه زمن لمثله أجرة. وقيل، إنه عارية فاسدة نظرا للفظ فلا تجب الأجرة. وأما العين فمضمونه على الثاني دون الأول، وهذا عند جهل العوضين كما
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب البيع 2
2 باب الربا 21
3 باب في البيوع المنهي عنها وغيرها 30
4 فصل فيما نهي عنه من البيوع 35
5 فصل في تفريق الصفقة وتعددها 40
6 باب الخيار 43
7 فصل في خيار الشرط 46
8 فصل في خيار النقيصة 50
9 فصل التصرية حرام الخ 63
10 باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده 65
11 باب التولية والإشراك والمرابحة 76
12 باب بيع الأصول والثمار وغيرهما 80
13 فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما 88
14 باب اختلاف المتبايعين 94
15 باب في معاملة الرقيق 98
16 كتاب السلم 102
17 فصل يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه الخ 106
18 فصل في بيان أداء غير المسلم فيه عنه و وقت أداء المسلم فيه ومكانه 115
19 فصل في القرض 117
20 كتاب الرهن 121
21 فصل شرط المرهون به كونه دينا الخ 126
22 فصل فيما يترتب على لزوم الرهن 133
23 فصل إذا جنى المرهون الخ 140
24 فصل في الاختلاف في الرهن وما يتعلق به 142
25 فصل في تعليق الدين بالتركة 144
26 كتاب التفليس 146
27 فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما 150
28 فصل في رجوع المعامل للمفلس عليه مما عامله به ولم يقبض عوضه 157
29 باب الحجر 165
30 فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله 173
31 باب الصلح 177
32 فصل في التزاحم على الحقوق المشتركة 182
33 باب الحوالة 193
34 باب الضمان 198
35 فصل في كفالة البدن 203
36 فصل يشترط في الضمان والكفالة لفظ يشعر الخ 206
37 كتاب الشركة 211
38 كتاب الوكالة 217
39 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المطلقة والمقيدة بالبيع لأجل وما يذكر معهما 223
40 فصل فيما يجب على الوكيل في الوكالة المقيدة بغير أجل وما يتبعها 227
41 فصل الوكالة جائزة من الجانبين 231
42 كتاب الإقرار 238
43 فصل في الصيغة 243
44 فصل يشترط في المقربة أن لا يكون ملكا للمقر 245
45 فصل في بيان أنواع من الاقرار مع ذكر التعليق بالمشيئة وبيان صحة الاستثناء 251
46 فصل في الاقرار بالنسب 259
47 كتاب العارية 263
48 فصل لكل منهما رد العارية متى شاء الخ 270
49 كتاب الغصب 275
50 فصل في بيان ما يضمن به المغصوب وغيره 280
51 فصل في اختلاف المالك والغاصب وضمان نقص المغصوب وما يذكر معها 286
52 فصل فيما يطرأ على المغصوب من زيادة وغيرها 291
53 كتاب الشفعة 296
54 فصل فيما يؤخذ به الشقص وفى الاختلاف في قدر الثمن مع ما يأتي معهما 301
55 كتاب القراض 309
56 فصل يشترط لصحة القراض الخ 313
57 فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين وحكم اختلاف العاقدين مع ما يأتي معهما 319
58 كتاب المساقاة 322
59 فصل فيما يشترط في عقد المساقاة 326
60 كتاب الإجارة 332
61 فصل يشترط كون المنفعة معلومة الخ 339
62 فصل في الاستئجار للقرب 344
63 فصل فيما يجب على مكري دار أو دابة 346
64 فصل في بيان الزمن الذي تقدر المنفعة به وبيان من يستوفيها وغير ذلك 349
65 فصل في انفساخ عقد الإجارة والخيار في الإجارة وما يقتضيها 355
66 كتاب إحياء الموات 361
67 فصل في حكم المنافع المشتركة 369
68 فصل في حكم الأعيان المشتركة المستفادة من الأرض 372
69 كتاب الوقف 376
70 فصل في أحكام الوقف اللفظية 386
71 فصل في أحكام الوقف المعنوية 389
72 فصل في بيان النظر على الوقف وشرط الناظر ووظيفته 393
73 كتاب الهبة 396
74 كتاب اللقطة 406
75 فصل في بيان حكم الملتقط 409
76 فصل ويذكر ندبا بعض أوصافها 413
77 فصل فيما تملك به اللقطة 415
78 كتاب اللقيط 417
79 فصل في الحكم بإسلام اللقيط أو كفره بتبعية الدار وغيرها 422
80 فصل فيما يتعلق برق اللقيط وحريته واستلحاقه 425
81 كتاب الجعالة 429